والغشاوة هي ( إلفُهم الكفر بحبهم له ) [1] ولم يقل تعالى : إنّه جعل على قلوبهم بل أخبر أنّه كذلك ، ومن قرأ بالنصب - وإن كان شاذاً - يحتمل أن يكون أراد معنى قوله : انّ السورة زادتهم رجساً إلى رجسهم والسورة لم تزدهم ولكنهم ازدادوا عندها ، وسنوضح ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى .
* ( وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) * تقديره : ولهم ، بما هم عليه من خلافك عذاب عظيم ، وحكي ذلك عن ابن عباس ، وأصل العذاب الاستمرار بالشيء يقال : عذبه تعذيباً إذا استمر به الألم ، وعذب الماء عذوبة : إذا استمر في الحلق ، وحمار عاذب وعذوب : إذا استمر به العطش فلم يأكل من شدّة العطش ، وفرس عذوب مثل ذلك ، والعذوب الّذي ليس بينه وبين السماء ستر ، وأعذبته عن الشيء بمعنى فطمته ، وعذبة السوط طرفه ، والعذاب استمرار الألم .
وأصل العِظَم عِظم الشخص ، ومنه عظيم الشأن الغني بالشيء عن غيره ، وعظمة الله تعالى كبرياؤه ، والعظام من العِظم لأنّه من أكبر ما يركب منه البدن .
قوله تعالى : * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وبِالْيَوْمِ الآْخِرِ وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) * آية ( 8 ) .
التفسير * ( وَمِنَ ) * لفظ يخبر به عن الواحد من العقلاء واثنين وجماعة ، فلما قال : * ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ) * دلّ على أنّه أراد الجمع وانّما قال : * ( يَقُولُ ) * بلفظ الواحد حملاً له على اللفظ ، قال الشاعر :
نكن مثل مَنْ يا ذئب يصطحبان [2]