وقال الآخر : متقلّداً سيفاً ورمحاً [1] لما دلّ الكلام الأوّل عليه ، فإذا لم يكن في الكلام ما يدلّ عليه ، لا يجوز إضماره ، ولا يجوز أن ينصب بالفعل الأوّل الّذي هو الختم ، لأنّ الختم لا يطلق على البصر ، كما ذكر في قوله تعالى : * ( وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ) * ثمّ قال : * ( وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ) * [2] فلم يدخل المنصوب في معنى الختم .
وقال قوم : إنّ ذلك على وجه الدعاء عليهم ، لا للإخبار عنهم ، وهذا يمكن في قوله تعالى : * ( خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ) * وفي قوله : * ( وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ) * فيمن نصب غشاوة ، فأمّا من رفع ذلك ، فلا يكون دعاء . والأقوى أنّ ذلك خبر ، لأنّه خرج مخرج الذم لهم والازراء عليهم ، فكيف يحمل على الدعاء ؟
ويحتمل أن يكون المراد بختم أنّه سيختم ، ويكون الماضي بمعنى المستقبل ، كما قال : * ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ ) * [3] وعلى هذا يسقط سؤال المخالف .
والقلب جعل الشيء على خلاف ما كان ، يقال : قلبه يقلبه قلباً ، والقليب البئر لأنّ الماء ينقلب إليها ، وما به قلبة : أي انقلاب عن صحّة ، وفلان حوّل قلّب : إذا كان يقلّب الأمور برأيه ويحتال عليها ، والقلوب الذئب لتقلبه في الحيلة على الصيد بخبثه ، وسمّي القلب قلباً لتقلّبه بالخواطر . قال الشاعر :