أنذرت عمراً وهو في مهل * قبل الصباح فقد عصى عمرو [1] قوله تعالى : * ( خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ وعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ولَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) * آية ( 7 ) .
* ( خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) * أي شهد عليها بأنّها لا تقبل الحقّ ، يقول القائل : أراك تختم على كلّ ما يقول فلان ، أي تشهد به وتصدّقه ، وقد ختمت عليك بأنّك لا تعلم ، أي شهدت ، وذلك استعارة . وقيل : إنّ ختم بمعنى طبع فيها أثراً للذنوب كالسمة والعلامة لتعرفها الملائكة فيتبرؤوا منهم ، ولا يوالوهم ، ولا يستغفروا لهم مع استغفارهم للمؤمنين . وقيل : المعنى في ذلك أنّه ذمّهم بأنّها كالمختوم عليها في أنّها لا يدخلها الإيمان ولا يخرج عنها الكفر ، قال الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حياً * ولكن لا حياة لمن تنادي [2] أي كأنّه لا حياة فيه . والختم آخر الشيء ومنه قوله تعالى : * ( خِتَامُهُ مِسْكٌ ) * [3] ومنه : خاتم النبيين أي آخرهم ، ومنه : ختم الكتاب لأنّه آخر حال الفراغ منه والختم الطبع والخاتم الطابع .
وما يختم الله على القلوب من السمة والعلامة التي ذكرناها ليست بمانعة من الإيمان ، كما أنّ ختم الكتاب والظرف والوعاء لا يمنع من أخذ ما فيه .