قال قتادة : * ( مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) * القرآن * ( وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) * الكتب الماضية ، وقد بينّا أنّ الأولى حمل الآية على عمومها في المؤمنين ، وذكرنا الخلاف فيه ، والآخرة صفة الدار ، فحذف الموصوف ، قال الله تعالى : * ( وَإِنَّ الدَّار الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ) * وصفت بذلك لمصيرها آخرة لأولى قبلها كما يقال : جئت مرّة بعد أخرى ، ويجوز أن يكون سمّيت بذلك لتأخيرها عن الخلق ، كما سمّيت الدنيا دنيا لدنوّها من الخلق ؛ وإيقانهم ما جحده المشركون من البعث والنشور والحساب والعقاب ، وروي ذلك عن ابن عباس ، والإيقان بالشيء هو العلم به ؛ وسمّي يقيناً لحصول القطع عليه وسكون النفس إليه .
قوله تعالى : * ( أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) * آية ( 5 ) .
أولئك بهمزتين ، وفيهم من يخففهما وحمزة يمد أولئك ، وأولئك اسم مبهم يصلح لكل حاضر تعرفه الإشارة كقولك ذاك في الواحد ، وأولاء جمع ذاك في المعنى ، ومن قصر قال أولا وأولا لك ، وإذا أمددته لم يجز زيادة اللام لئلا يجتمع ثقل الهمزة وثقل الزيادة ، وتقول : أولاء للقريب ، وها أولئك للبعيد ، وأولئك للمتوسط .
وأضيف الهدى إلى الله لأحد الأمرين :
أحدهما : لما فعل بهم من الدلالة على الهدى والإيضاح له ، والدعاء إليه .
الثاني : لأنّه يثيب عليه ، فعلى هذا يضاف الإيمان بأنّه هداية من الله .
وهدى في موضع خفض بعلى ، ومعنى * ( عَلَى هُدىً ) * : أي على حقّ وخير بهداية الله إياهم ودعائه إلى ما قالوا به ، ومن قال : هم على نور واستقامة أو