وقال قوم : إنّما أشار إلى ما كان نزل من القرآن بمكة من السور فقال ذلك ، والأول أقوى لأنّه أشبه بأقوال المفسّرين ، وأمّا من حمل ذلك على أنّه أشار به إلى التوراة والإنجيل فقد أبطل ، لأنّه وصفه بأنّه * ( لا رَيْبَ فِيهِ ) * وأنّه * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * ، ووصف ما في أيديهم بأنّه مغيّر محرّف في قوله : * ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) * [1] .
قوله تعالى : * ( لا رَيْبَ فِيهِ ) * .
ومعنى لا ريب فيه ، أي لا شك فيه ، والريب الشك ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وعطاء والسدي وغيرهم ، وقيل : هو أشد الشك ، وهو مصدر رابني الشيء يريبني . قال ساعدة بن جُؤية الهذلي :
فقالوا تركنا الحي قد حصروا به * فلا ريب ان قد كان ثَمّ لحيم [2] أي أطافوا به واللحيم القتيل ، يقال : لحم إذا قتل ، والهاء فيه عائدة على الكتاب ، ويحتمل أن يكون لا ريب فيه خبراً ، والمعنى أنّه حقّ في نفسه ، ولا يكون المراد به أنّه لا يقع فيه ريب ، لأنّ من المعلوم أنّ الريب واقع فيه من الكفّار وفي صحته ، ويجري ذلك مجرى الخبر إذا كان مخبره على ما هو به في أنّه يكون صدقاً وإن كذّبه قوم ولم يصدّقوه .
ويحتمل أن يكون معناه الأمر ، أي تيقّنوه ولا ترتابوا فيه .
قوله تعالى : * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * آية ( 2 ) .