بين ساكنين كما جاز ذلك في العدد ، تقول : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة ، فتقطع ألف اثنين وهي ألف وصل ، وتذكر الهاء في ثلاثة وأربعة ، فلو لم تنو الوقف لقلت ثلاث بالثاء .
قوله تعالى : * ( ذلِكَ الْكِتابُ ) * .
هذه لفظة يشار بها إلى ما قَرُب ، وذلك إلى ما بَعُد ، وذاك إلى ما بينهما ، ويحتمل أن يكون معنى ذلك هاهنا هذا ؛ على قول عكرمة وجماعة من أهل العربية كالأخفش وأبي عبيدة وغيرهما ؛ قال :
أقول له والرمح يأطر متنه * تأمل خفافاً انّني أنا ذلكا [1] أي أنّني أنا هذا . وقال تعالى : * ( ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) * [2] وهو موجود في الحال وانّما جاز أن يستعمل هذا ، وهي إشارة إلى حاضر ، بمعنى ذلك وهي إشارة إلى غايب لأنّه كالحاضر عند الغايب ، ألا ترى أنّ الرجل يحدّث حديثاً ، فيقول السامع : هذا كما قلت ، وربما قال : انّ ذلك كما قلت ، وإنّما جاز ذلك لقرب جوابه من كلام المخبر ، وكذلك لمّا قال تعالى * ( آلم ) * وذكرنا معنى ذلك ، قال لنبيّه : يا محمّد هذا الّذي ذكرته وبيّنته ، ذلك الكتاب ، فلذلك حسن وضع ذلك في مكان هذا ، لأنّه إشارة إلى ما مضى .
وقال قوم : انّ معناه ذلك الكتاب الّذي وعدوا به على لسان موسى وعيسى ، كما قال : * ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ) * يعني : هذا ذلك الكتاب .