بنفسه : إذا انفرد ، وخلا المكان من أهله أي انفرد منهم ، وحد الخلو : حصول الشيء وحده ، والفرق بين الخلو والفراغ ، أنّ الخلو إذا لم يكن مع الشيء غيره ، وقد يفرغ منه وهو معه ، فإذا قلت خلا منه فليس معه ، والكسب : العمل الّذي يجلب به نفع ، ويدفع به ضرر عن النفس ، وكسب لأهله : إذا اجتلب ذلك لهم بعلاج ومراس ، ولذلك لا يجوز في صفة الله .
وقوله : * ( وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) * معناه أنّه لا يقال لكم اعملوا كذا وكذا ، وعلى جهة المطالبة بما يلزمهم من أجل عملهم ، كما لا يقال لهم لم عملتم أنتم كذا وكذا ، وإنّما يطالب كلّ إنسان بعمله دون عمل غيره كما قال : * ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) * [1] .
وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبرة : إنّ الأبناء يؤخذون بذنوب الآباء ، ويؤخذ الطفل بذنب أبيه ، لأنّ الله تعالى نفى ذلك ، ومثله قوله : * ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) * وقوله : * ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ) * [2] .
والإشارة بقوله : * ( تِلْكَ أُمَّةٌ ) * إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ولدهم ، يقول الله تعالى لليهود والنصارى : يا معشر اليهود والنصارى دعوا ذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والمسلمين من أولادهم بغير ما هم أهله ؛ ولا تنسبوا إليهم الكفر ، واليهودية والنصرانية ، ولا تضيفوها إليهم وإنّها أمة قد خلت ، ولا تسألون أنتم عما كانوا يعملون .
قوله تعالى : * ( وقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) * آية بلا خلاف ( 135 ) .