* ( أَمْ ) * ها هنا منقطعة وليست بمتصلة كقوله : * ( ألم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ) * [1] ومثله قول الشاعر [2] :
كذبتك عينُك أم رأيت بواسط * * غلس الظلام من الرباب خيالا ولا تجيئ منقطعة الألف وقد تقدّمها كلام ، لأنّها بمعنى بل ، وألف الاستفهام ، كأنّه قيل : بل كنتم شهداء ، ومعناها - هنا - الجحد : أي ما كنتم شهداء ، واللفظ لفظ الاستفهام ، والمعنى على خلافه ، لأنّ إخراجه مخرج الاستفهام أبلغ في الكلام ، وأشدّ مظاهرة في الحجاج أن يخرج الكلام مخرج التقرير بالحق فتلزم الحجة ، والإنكار له فتظهر الفضيحة ، فلذلك أخرج الجحد في الأخبار مخرج الاستفهام .
والمخاطب ب * ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ ) * أهل الكتاب في قول الربيع ، والمعنى : أنّكم لم تحضروا ذلك ، فلا تدّعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل بنحلكم إياهم خلاف الإسلام من اليهودية والنصرانية ، فإنّي ما بعثتهم إلاّ بالحنيفية ، والشهداء جمع شهيد ، و * ( إِذْ ) * ها هنا بدل من إِذْ الأولى ، والعامل فيها معنى الشهادة ، وقيل بل العامل فيها حضر ، وكلاهما حسن .
والحاضر والشاهد من النظائر ، ونقيض الحاضر الغائب ، ويقال : حضر حضوراً ، وأحضره إحضاراً ، واستحضره استحضاراً ، واحتضره احتضاراً ، وحاضره محاضرة ، والحضر خلاف البدو ، وحضرت القوم أحضرهم حضوراً : إذا شهدتهم ، الحاضر خلاف الغائب ، وأحضر الفرس إحضاراً : إذا عدا عدواً شديداً واستحضرته استحضاراً ، والحضرة الجماعة من الناس ما بين الخمسة إلى العشرة .