لأنّ الإبداء قول ، ومنه قوله : * ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) * [1] ، لأنّ العدة قول .
فإن قيل : كيف قال : * ( لا تَمُوتُنَّ ) * على وجه النهي لهم عن الموت ، والموت ليس في مقدورهم ، فيصح أن ينهوا عنه ؟
قلنا : اللفظ وإن كان على لفظ النهي ، فما نهوا عن الموت ، وإنّما نهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام لئلاّ يصادفهم الموت عليه .
وتقديره لا تتعرّضوا للموت على ترك الإسلام بفعل الكفر ، ومثله من كلام العرب لا رأيتك ها هنا ، فالنهي في اللفظ للمتكلّم ، وإنّما هو في الحقيقة للمخاطب ، فكأنّه قال : لا تتعرّض لأن أراك بكونك ها هنا ، ومثله لا يصادفنك الإمام على ما يكره ، وتقديره : لا تتعرّض لأن يصادفك على ما يكره ، ومثله لا يكوننّ زيد إلاّ عندك ، تقديره لا تتعرّض لأن يكون زيد ليس عندك بالتفريط في ذلك ، والاهمال له ، والأصل في هذا أنّ التعريض لوقوع الشيء بمنزلة إيقاع الشيء .
وقوله : * ( وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) * جملة في موضع الحال ، وتقديره : لا تموتنّ إلاّ مسلمين .
قوله تعالى : * ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وإِسْماعِيلَ وإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 133 ) .