( والألف واللام ) في الدين للعهد دون الاستغراق ، لأنّه إنّما أراد بذلك دين الإسلام دون غيره من الأديان ، وإنّما أسقطت أن في * ( وَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) * أن * ( يَا بَنِيَّ ) * وأثبت في * ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِر ) * [1] ، لأنّ أوصى في الآية بمعنى القول ، فجعل بمنزلة قولك إلاّ تقديره تقدير القول ، فيجوز حينئذٍ إلحاق أن ، كما قال : * ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِر ) * ومثله * ( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) * [2] وقوله : * ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ ) * [3] وكلّ هذا الباب يجوز فيه الوجهان : بأن تقدّره تقدير القول ، ليكمل به تقدير الفعل الّذي ليس بقول .
وأمّا قوله : * ( أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ) * فلا يجوز إسقاطها في مثله من الكلام ، لأنّه ليس فيه معنى الحكاية ، والقول كما في الدعوى والإرسال ، وأمّا قوله : * ( وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ ) * [4] فلا يجوز في مثله إثبات ، لأنّه يضمر معه القول ، ولا يجوز معه التصريح بالقول ، ولا مع إضمار أن لأنّه حكاية ، كما تقول : قلت له زيد في الدار ، ولا يجوز قلت له أنّ زيداً في الدار ، وأنشد الكسائي :
إنّي سأبدي لك فيما أبدي * * لي شجنان شجن بنجد وشجن لي ببلاد الهند [5]