وأنّ الإسلام إنّما هو الاخلاص لله بالعمل بطاعته ، واجتناب معصيته وذلك واجب على كلّ متعبّد ، وكلّه إسلام .
قوله تعالى : * ( ووَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) * آية بلا خلاف ( 132 ) .
والوصية مأخوذة من قولهم : أوصى النبت إذا اتصل بعضه ببعض ، فلما أوصل الموصي جعل أمره إلى الموصى إليه ، قيل : وصية وَوصى وأوصى وأمر وعهد نظائر في اللغة ، وضد أوصى أهمل ، والوصاة كالوصية ، والوصاية مصدر التوصي ، والفعل أوصيت إيصاء ووصيت توصية ، في المبالغة والكثرة وتقول : قد قبل الوصاية ، وإذا انطاع المرعى للسائمة فأصابته رواعد ، قيل : وصى لها الرعي يصي وصياً ووصياً ، وأصل الباب : الوصية وهي الدعاء إلى الطاعة .
والهاء في قوله : * ( وَوَصَّى بِهَا ) * يحتمل أن تعود إلى أحد شيئين : أحدهما إلى الملّة ، وقد تقدّم ذكرها في قوله : * ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ) * .
والثاني : أن يعود إلى الكلمة في قوله : * ( أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) * والأوّل أقوى ، لأنّه مذكور في اللفظ ، وهو قول الزجاج وأكثر المفسّرين ، والثاني حكاه البلخي وبعض أهل اللغة .
وارتفع يعقوب ، لأنّه معطوف على إبراهيم ، والمعنى ووصّى بها يعقوب ، وبه قال ابن عباس وقتادة ، وقال بعضهم : إنّه على الاستئناف كأنّه قال : ووصّى يعقوب أن * ( يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ) * والأوّل أظهر لأنّ عليه أكثر المفسّرين .