ذلك ، ففي قوله : * ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) * دلالة على أنّ ملّة إبراهيم هي ملّة نبيّنا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لأنّ ملّة إبراهيم داخلة في ملّة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع زيادات في ملّة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فبيّن أنّ الذين يرغبون من الكفّار عن ملّة محمّد التي هي ملّة إبراهيم ، قد سفهوا أنفسهم وهو معنى قول قتادة والربيع .
قوله تعالى : * ( إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) * آية بلا خلاف ( 131 ) .
قوله : * ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ ) * متعلق بقوله : * ( وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ ) * وموضعه نصب وتقديره : ولقد اصطفيناه حين قال له ربّه أسلم ، وقال الحسن : إنّما قال ذلك حين أفلت الشمس ، * ( قَالَ يَا قَوْم إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي ) * [1] وأنّه أسلم حينئذٍ ، وهذا يدلّ على أنّه كان ذلك قبل النبوة ، وأنّه قال له ذلك إلهاماً استدعاه به إلى الإسلام ، فأسلم حينئذٍ ، لما وضح له طريق الاستدلال بما رأى من الآيات ، والعبر الدالة على توحيده ، ولا يصحّ أن يوحي الله تعالى إليه قبل إسلامه بأنّه نبيّ الله ، لأنّ النبوة حال اعظام واجلال ، ولا يكون ذلك قبل الإسلام ، وإنّما قال : * ( اصْطَفَيْنَاهُ ) * على لفظ المتكلّم مع قوله : * ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ ) * على لفظ الغائب للتصرّف في الكلام ، كما قال الشاعر :
باتت تشكي إلي النفس مجهشة * * وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا [2] والإسلام واجب على كلّ مكلّف ، وإن اختلفت شرائع الأنبياء فيما يتعبدون من الحلال والحرام ، لقوله تعالى : أن * ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) * [3]