والنسك في اللغة : العبادة ، رجل ناسك عابد ، وقد نسك نسكاً ، والنسك : الذبيحة ، يقال : من فعل كذا فعليه نسك ، أي دم يهريقه .
وقوله : * ( وَأَرِنَا ) * يحتمل أمرين : أحدهما : أن يكون من رؤية البصر ، والآخر : أن يكون من رؤية القلب بمعنى أعلمنا . قال حطائط بن جعفر [1] :
أريني جواداً مات هزلاً لعلني * * أرى ما ترين أو بخيلاً مخلدا [2] أي عرفني ومعنى قوله : * ( وَتُبْ عَلَيْنَا ) * أي ارجع علينا بالرحمة والمغفرة ، وليس فيه دلالة على جواز الصغيرة ، أو فعل القبيح عليهم ، ومن ادّعى ذلك فقد أبطل ، وقال قوم : معناه تب على ظلمة ذريتنا ، وقيل : بل قالا ذلك انقطاعاً إليه تعالى تعبداً ليقتدى بهما فيه ، وهو الّذي نعتمده .
* ( والتَّوَّابُ ) * القابل للتوبة ها هنا ، وإذا وصف به العبد فمعناه أنّه فاعل التوبة دفعة بعد أخرى ، فيفيد المبالغة ، فعلى مذهبنا إذا قلنا : قبل الله توبته أي تاب عليه معناه أنّه يستحق الثواب ، وإذا قلنا : تاب العبد من كبيرة مع الإقامة على كبيرة أخرى ، معناه عند من أجاز ذلك أنّه رفع العقاب بها على تلك الكبيرة التي تاب منها ، وعندنا أنّه يستحق بها الثواب أيضاً ، وفي الآية دلالة على أنّه يحسن الدعاء بما يعلم الداعي أنّه يكون لا محالة ، لأنّهما كانا عالمين بأنّهما لا يفارقان الإسلام ، ولا يأتيان الكبيرة .
قوله تعالى : * ( رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ويُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 129 ) .