وقوله : * ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيمَ ) * أكثر القرّاء على لفظ الأمر ، إلاّ ابن عامر ونافع فإنّهما قرءا على لفظ الخبر من فعل ماض ، ويحتمل أن يكون اللفظ معطوفاً على قوله : * ( واذْكُرُوا ) * كأنّه قال : يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي ، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى .
وقال الربيع بن أنس : من الكلمات التي ابتلى إبراهيم ربّه قوله : * ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً ) * وكأنّه قال : * ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) * وقال : * ( اتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً ) * وقيل : انّه معطوف على * ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ ) * لأنّ معناه واذكروا إذا جعلنا البيت واتخذوا ، وقيل : انّه معطوف على معنى * ( جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ ) * لأنّ فيه معنى ثوبوا إليه واتخذوا ، وظاهر قوله : واتخذوا أنّه عام لجميع المكلّفين إلاّ من خصّه الدليل وعليه أكثر المفسّرين .
وقال أبو عليّ الفارسي : وجه قراءة من قرأ ، على الخبر أنّه عطف على ما أضيف إليه إذ كأنّه قال وإذ اتخذوا قال : وتقوية قوله أنّ ما بعده خبر ، وهو قوله : * ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) * .
المعني بقوله : * ( مِنْ مَقَام ) * قيل فيه أربعة أقوال :
أحدها : قال ابن عباس : الحجّ كلّه مقام إبراهيم .
( ثانيها ) : وقال عطا : مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار .
( ثالثها ) : وقال مجاهد : الحرم كلّه مقام إبراهيم .
( رابعها ) : وقال السدي : مقام إبراهيم هو الحجر الّذي كانت زوجة إسماعيل وضعته تحت قدم إبراهيم حين غسلت رأسه ، فوضع إبراهيم رجله عليه وهو راكب فغسلت شقه ثم رفعته من تحته ، وقد غابت رجله في الحجر فوضعته تحت الشق الآخر ، فغسلته فغابت أيضاً رجله فيه فجعلها الله من شعائره ، فقال :