ذلك ، وفضّلهم كما جاء * ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) * [1] بعد نعم ذكّرهم بها ، ثم عدّد نعماً أخر ، وقال فيها : * ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) * أي فبأيّ هذه تكذّبان وكلّ تقريع جاء ، فإنّما هو موصول بتذكير نعمه غير الأوّل ، والثالث غير الثاني ، وهكذا إلى آخر السورة ، وكذلك الوعيد - في سورة المرسلات - بقوله : * ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) * [2] إنّما هو بعد الدلالة على أعمال يعظم التكذيب بما تدعو إليه الأدلّة .
الثالث : إنّه مقدمة لما بعده ، لأنّه تعالى أراد وعظهم ذكّرهم قبل ذلك بالنعم عليهم ، لأنّه استدعاء إلى قبول الوعظ لهم .
وقيل فيه وجه رابع وهو أنّه لما تباعد بين الكلامين حسن التنبيه والتذكير .
وموضع * ( الَّتِي ) * نصب بالعطف على نعمتي .
قوله تعالى : * ( واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ولا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ ولا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) * آية بلا خلاف ( 123 ) .
ومثل هذه الآية أيضاً تقدم ، وبيّنا ما فيها ، فلا معنى للتكرار ، وبيّنا أنّ العدل هو الفدية .
وقيل هو المثل ، ويقال هذا عدله أي مثله ، والعِدل هو الحمل ، وبينّا قول من يقول : إنّ الشفاعة لا تكون إلاّ لمرتكبي الكبائر إذا ماتوا مصرّين ، فإن قلنا ظاهر الآية متروك بالإجماع ، لأنّه لا خلاف أنّ ها هنا شفاعة نافعة والآية تقتضي