تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) * وقوله : * ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ) * [1] وقوله : * ( عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ) * [2] .
وفي الآية دلالة على أنّه لا يؤخذ أحد بذنب غيره قريباً كان منه أو بعيداً ، كما بيّن الله أنّه لا يطالب أحد بذلك غيره ، وإن كان قد فرض على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يدعو إلى الحقّ ، ويزجر عن الباطل ، وليس عليه أن يقبل المدعو ، ومن قرأ بلفظ النهي قال الزجاج : يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون أمره بترك المسألة ، والآخر : ما قاله الأخفش أن يكون المعنى على تفخيم ما أعد لهم من العقاب ، كما يقال لا تسأل عن فلان ، أي قد صار إلى أمر عظيم ، وقال قوم : لو كان على النهي لقال فلا بالفاء لأنّه يصير بمنزلة الجواب ، كأنّه يدلّ على انّا أرسلناك بالحقّ ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ، ولا يحتاج بالرفع إلى الفاء ، وإذا كان على الرفع فظاهر الكلام الأوّل يقتضيه اقتضاء الأحوال ، أو اقتضاء البيان الّذي يجري مجرى الحجاج على من اعترض بأنّ فعل الداعي إلى الإيمان لا يحل موقعه إلاّ بأن يقبل المدعو إليه .
وأمّا إيصاله بما تقدّم على الجزم ، فإنّما هو على معنى التغليظ لشأن الجحيم ، ليزجر بذلك عن ترك اتباعه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتصديق بما أتى به من البشارة ، قال أبو عليّ الفارسي : إنّما تلزم الفاء إذا كان الكلام الأوّل علّة فيما بعد ذلك ، كقولك : أعطيك فرساً فلا تسأل شيئاً آخراً ، والآية بخلاف ذلك .
وفي الناس من قال : القراءة بالجزم مردودة ، لأنّه لم يتوجّه له اتصال الكلام ، ولا كيف جاء بالواو دون الفاء ، وقد بيّنا الاتصال ، فأمّا المجيئ بالواو