على الحقيقة ، بمعنى إنّ من شأنه الانشاء ، لأنّه قادر عليه ، ففيه معنى مبدع ، وقال السدي : تقول ابتدعها ، فخلقها ولم يخلق قبلها شيئاً [1] تتمثل به ، والإبداع ، والاختراع ، والإنشاء نظائر ، وضد الابتداع الاحتذاء على مثال ، يقال : أبدع إبداعاً ، وابتدع ابتداعاً ، وبدّع تبديعاً .
وقال ابن دريد : بدعت الشيء إذا أنشأته ، والله * ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) * أي منشئهما ، وبدعت الركي [2] إذا استنبطتها ، وركيّ بديع : أي جديد الحضر ، ولست ببدع في كذا أَي لست بأول من أصابه هذا ، ومنه قوله : * ( مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ ) * [3] . وكلّ من أحدث شيئاً فقد أبدعه ، والاسم : البدعة ، وأبدع بالرجل : إذا كلت راحلته وانقطع به ، وقوله : * ( مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ ) * أي ما كنت بأول مرسل ، والبدعة : ما ابتدع من الدين وغيره ، وجمعها بدع ، وفي الحديث : “ كلّ بدعة ضلالة ” . وتقول : جئت بأمر بديع ، أي مبتدع عجيب ، وأبدعت الإبل : إذا تركت في الطريق من الهزل ، وأصل الباب : الإنشاء .
وقوله : * ( إِذَا قَضَى أَمْراً ) * يحتمل أمرين :
أحدهما : إذا خلق أمراً ، كما قال : * ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ) * [4] أي خلقهنّ ، وهو اختيار البلخي ، والرماني ، والجبائي .
والثاني : حتم بأن يفعل أمراً وحكم ، وقيل أحكم أمراً ، كما قال أبو ذؤيب :