وقيل : معناه فثمّ وجه الله ، فادعوه كيف توجهتم .
وقال آخرون واختاره الرماني والجبائي : فثم رضوان الله ، كما يقال : هذا وجه العمل ، وهذا وجه الصواب ، وكأنّه قال : الوجه الّذي يؤدّي إلى رضوان الله ، وتقدير الآية واتصالها بما قبلها ، كأنّه قال : لا يمنعكم تخريب من خرب المساجد أن تذكروه حيث كنتم من أيّ وجه ، وله المشرق والمغرب ، والجهات كلّها .
وقوله : * ( إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) * قال قوم : معناه غني ، فكأنّه قيل : واسع المقدور ، وقال الزجاج : يدلّ على التوسعة للناس فيما رخّص لهم في الشريعة ، وكأنّه قيل : واسع الرحمة ، وكذلك رخّص في الشريعة ، ومعنى القول الأوّل أنّه غني عن طاعتكم ، وإنّما يريدها لمنفعتكم ، وقال الجبائي : معناه واسع الرحمة .
ومعنى عليم أنّه عالم بوجه الحكمة ، فبادروا إلى ما أمركم به من الطاعة ، وقيل : واسع الرحمة عليم أين يضعها على وجوه الحكمة . ومعنى ( ثَمَّ ) هناك ، تقول لما قرب من المكان : هنا ، وما تراخى : ثمّ وهناك .
قوله تعالى : * ( وقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ والأرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 116 ) .
والمعني بهذه الآية النصارى وقال قوم : النصارى ومشركوا العرب معاً ، من حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، هذا قول الزجاج .
وفي هذه الآية دلالة على أنّه لا يجوز الولد على وجه من الوجوه ، لأنّه إذا كان جميع ما في السماوات والأرض ملكاً له ، فالمسيح عبد مربوب ، وكذلك الملائكة المقرّبون ، لأنّ الولد لا يكون إلاّ من جنس الوالد ، ولا يكون المفعول إلاّ من جنس الفاعل ، وكلّ جسم فعل لله فلا مثل له ولا نظير على وجه من الوجوه تعالى الله عن صفات المخلوقين .