وقال : وهو أيضاً لا يتعلّق بما قبله من ذم أهل الكتاب ، كما يتعلّق إذا عنى به النصارى وبيت المقدس ، فيصير الكلام منقطعاً .
فيقال له : قد جرى ذكر لغير أهل الكتاب من المشركين في قوله : * ( كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) * وهذا أقرب من اليهود والنصارى ، ولأنّ ذلك كلّه ذم ، فمرة يوجّه إلى اليهود ، ومرة إلى النصارى ، ومرة إلى عبّاد الأوثان وغيرهم من أهل الشرك .
فإن قيل : كيف قال : * ( مَسَاجِدَ اللَّهِ ) * بالجمع وهو أراد المسجد الحرام ، أو بيت المقدس ؟ قيل عنه جوابان :
أحدهما : أنّ كلّ موضع منه مسجد ، كما يقال لكل موضع من المجلس العظيم مجلس ، فيكون اسماً يصلح أن يقع على جملته ، وعلى كلّ موضع سجود فيه .
( والثاني ) : وقال الجبائي لأنّه يدخل فيه المساجد التي بناها المسلمون للصلاة بالمدينة .
وقوله : * ( مِمَّنْ مَنَعَ ) * .
ومساجد الله قد بينّا أنّ منهم من قال : أراد المسجد الأقصى ، ومنهم من قال : أراد المسجد الحرام ، ومنهم من قال : أراد جميع المساجد ، وروي عن زيد بن عليّ عن أبيه ( عليهما السلام ) أنّه أراد جميع الأرض ، لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : “ جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً ” .
وقوله : * ( وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ) * .
والسعي والعدو والركض نظائر ، وضد السعي الوقف .