وقال الزجاج : حكمه أن يريهم من يدخل الجنة عياناً ، وهذا هو حكم الفصل في الآخرة ، فأمّا حكم العقل في الدنيا فالحجة التي دلّ الله بها على الحقّ من الباطل في الديانة .
قوله تعالى : * ( ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ولَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) * آية واحدة ( 114 ) .
اختلف المفسّرون في المعني بهذه الآية ، فقال ابن عباس ، ومجاهد ، واختاره الفراء : انّهم الروم ، لأنّهم كانوا غزوا بيت المقدس ، وسعوا في خرابه حتى كانت أيّام عمر ، فأظهر الله عليهم المسلمين ، وصاروا لا يدخلونه إلاّ خائفين .
وقال الحسن وقتادة والسدي : هو بخت نصر خرّب بيت المقدس ، قال قتادة : وأعانه عليه النصارى ، وقال قوم : عنى به سائر المشركين ، لأنّهم يريدون صدّ المسلمين عن المساجد ، ويحبونه .
وقال ابن زيد ، والبلخي ، والجبائي والرماني : المراد به مشركي العرب ، وضعّف هذا الوجه الطبري من بين المفسّرين بأن قال : إنّ مشركي قريش لم يسعوا قط في تخريب المسجد الحرام .
وهذا ليس بشيء ، لأنّ عمارة المساجد بالصلاة فيها ، وخرابها بالمنع من الصلاة فيها ، وقد روي أنّهم هدموا مساجد كان أصحاب النبيّ يصلّون فيها بمكة ، لما هاجر النبيّ وأصحابه .