والثاني : ما نسخ لفظه دون حكمه ، كآية الرجم فإنّ وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه ، والآية التي كانت متضمّنة له منسوخة بلا خلاف ، وهي قوله : والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، فانّهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم [1] .
الثالث : ما نسخ لفظه وحكمه ، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة : أنّه كان فيما أنزل الله أنّ عشر رضعات تحرمن ، ونسخ ذلك بخمس عشرة [2] ، فنسخت التلاوة والحكم .
وأمّا الكلام في شرائط النسخ ، فما يصحّ منها وما لا يصحّ وما يصحّ أن ينسخ به القرآن ، وما لا يصحّ أن ينسخ به ، وقد ذكرناه في كتاب العدة - في أصول الفقه - ولا يليق ذلك بهذا المكان .
وحكى البلخي في كتاب التفسير فقال : قال قوم - ليسوا ممّن يعتبرون ولكنهم من الأمة على حال - أنّ الأئمّة المنصوص عليهم - بزعمهم - مفوّض إليهم نسخ القرآن وتدبيره ، وتجاوز بعضهم حتى خرج من الدين بقوله : انّ النسخ قد يجوز على وجه البداء وهو أن يأمر الله ( عز وجل ) عندهم بالشيء ولا يبدو له ثمّ يبدو له فيغيّره ، ولا يريد في وقت أمره به أن يغيره هو ويبدله وينسخه ، لأنّه عندهم لا يعلم الشيء حتى يكون ، إلاّ ما يقدره فيعلمه علم تقدير ، وتعجرفوا فزعموا أنّ ما نزل بالمدينة ناسخ لما نزل بمكة .
وأظن أنّه عنى بهذا أصحابنا الإمامية ، أن ليس في الأمة من يقول بالنص على الأئمة ( عليهم السلام ) سواهم . فإن كان عناهم فجميع ما حكاه عنهم باطل وكذب عليهم ، لأنّهم لا يجيزون النسخ على أحد من الأئمة ( عليهم السلام ) ، ولا أحد منهم يقول