علم اللغة ، واشتقاق الألفاظ . والمتكلّمين - كأبي عليّ الجبائي وغيره - صرفوا همّتهم إلى ما يتعلّق بالمعاني الكلامية . ومنهم من أضاف إلى ذلك ، الكلام في فنون علمه ، فأدخل فيه ما لا يليق به ، من بسط فروع الفقه ، واختلاف الفقهاء - كالبلخي وغيره - .
وأصلحُ من سلك في ذلك مسلكاً جميلاً مقتصداً ، محمّد بن بحر أبو مسلم الأصفهاني [1] ، وعليّ بن عيسى الرماني [2] ، فإنّ كتابيهما أصلح ما صنّف في هذا المعنى ، غير أنّهما أطالا الخطب فيه ، وأوردا فيه كثيراً ممّا لا يحتاج ، وسمعت جماعةً من أصحابنا قديماً وحديثاً ، يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن ، من القراءة والمعاني والإعراب ، والكلام على المتشابه ، والجواب عن مطاعن الملحدين فيه ، وأنواع المبطلين ، كالمجبّرة ، والمشبّهة ، والمجسّمة وغيرهم ، وذكر ما يختص أصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه على صحّة مذاهبهم في أصول الديانات وفروعها .
وأنا إن شاء الله تعالى ، أشرع في ذلك على وجه الإيجاز والاختصار لكل فن من فنونه ، ولا أطيل فيملّه الناظر فيه ، ولا أختصر اختصاراً يقصر فهمه عن معانيه ، وأقدّم أمام ذلك ، فصلاً يشتمل على ذكر جمل لا بدّ من معرفتها دون استيفائها ، فإنّ لاستيفاء الكلام فيها مواضع هي أليق به ، ومن الله استمدّ المعونة ، وأستهديه إلى طريق الرشاد ، بمنّه وقدرته إن شاء الله تعالى .
* * *