مقدمة الشيخ الطوسي ( قدس سره ) في كتابه التبيان في تفسير القرآن بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله اعترافاً بتوحيده ، وإخلاصاً لربوبيته ، وإقراراً بجزيل نعمته ، وإذعاناً لعظيم منته ، وشكراً على جميع مواهبه ، وكريم فواضله ، وصلى الله على خيرته من خلقه محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والطاهرين من عترته ، والطيبين من أرومته ، وسلّم تسليماً .
أمّا بعد ، فإنّ الّذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب ، أنّي لم أجد أحداً من أصحابنا - قديماً وحديثاً - من عمل كتاباً يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه ، وإنّما سلك جماعة منهم في جميع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المروية في الحديث ، ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء ذلك ، وتفسير ما يحتاج إليه .
فوجدت من شرع في تفسير القرآن من علماء الأمة ، بين مطيل في جميع معانيه ، واستيعاب ما قيل فيه من فنونه - كالطبري وغيره - وبين مقصر اقتصر على ذكر غريبه ، ومعاني ألفاظه ، وسلك الباقون المتوسّطون في ذلك مسلك ما قويت فيه مُنّتهم [1] ، وتركوا ما لا معرفة لهم به ، فإنّ الزّجاج والفرّاء ومن أشبههما من النحويين ، أفرغوا وسعهم فيما يتعلّق بالإعراب والتصريف . ومُفضّل بن سلمة وغيره استكثروا من