responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إكمال النقصان من تفسير منتخب التبيان ( موسوعة إبن إدريس الحلي ) نویسنده : ابن إدريس الحلي    جلد : 1  صفحه : 127


وإذا ثبتت هذه الجملة ، رجعنا إلى تأويل الآية ، وهو قوله : * ( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ) * معناه أنّ الكافرين لمّا ضرب الله لهم الأمثال قالوا : ما الحاجة إليها ؟ قال الله تعالى : فيها أعظم الفائدة لأنّها محنة واختبار ، وبهما يستحق الثواب ، ويوصل إلى النعيم ، فسمّى المحنة إضلالاً وهداية ، لأنّ المحنة إذا اشتدت على الممتحن وثقلت فضلّ عندها ، جاز أن تسمّى اضلالاً ، فإذا سهلت فاهتدى عندها ، سميت هداية ، كما أنّ الرجل يقول لصاحبه : ما يفعل فلان ؟ فيقول : هو ذا ، يسخي قوماً ويبخل قوماً آخرين أي يسأل قوماً فيشتد عليهم للعطاء فيبخلون ، ويسأل آخرين ، فيسهل عليهم فيعطون ويجودون ، فسمّي سؤاله باسم ما يقع عنده ويعقبه .
فمعنى قوله : * ( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ) * أي يمتحن به عباده ، فيضل به قوم كثير ، ويهتدي به قوم كثير ، ولا يجب على ذلك أن يكون أراد إضلالهم ، كما لا يجب ذلك في السائل الّذي لا يريد بخل المسؤول ، بل يريد اعطاءه ، فإن قيل : أليس الله تعالى امتحن بهذه الأمثال المؤمنين كما امتحن بها الكافرين ، فيجب أن يكون مضلاً لهم ؟
قلنا : إنّما سمّى المحنة الشديدة إضلالاً إذا وقع عندها الضلال ، كما أنّ السؤال يسمّى تبخيلاً إذا وقع عنده البخل .
وقال قوم : معنى قوله : * ( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ) * يعني يضل بالتكذيب بهذه الأمثال كثيراً ويهدي بالايمان كثيراً ، لأنّه لو كان سبباً للضلال لما وصفه الله بأنّه هدى وبيان وشفاء لما في الصدور ، وحذف التكذيب والاقرار اختصاراً ، لأنّ في الكلام ما يدلّ عليه ، كما يقول القائل : نزل السلطان فسعد به قوم وشقي به آخرون ، وانّما يراد به سعد باحسانه قوم وشقي بإساءته آخرون لا بنزول جيشه ، لأنّه نفسه لا يقع به سعادة ولا شقاء ، وكما قال : * ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ ) * [1] وإنّما أراد حب العجل ، وذلك كثير .



[1] - البقرة : 93 .

نام کتاب : إكمال النقصان من تفسير منتخب التبيان ( موسوعة إبن إدريس الحلي ) نویسنده : ابن إدريس الحلي    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست