والأشجعي : إنّ التشابه في الأسماء دون الألوان والطعوم ، فلا يشبه ثمار الجنة شيء من ثمار الدنيا في لون ولا طعم ، وأولى هذه الأقوال أن يكون المراد به متشابهاً في اللون والمنظر على أنّ الطعم مختلف ، لما قدّمناه من أنّ هذا يقولونه في أول الحال أيضاً ، وما تقدّر عليه غيره ، وبعد هذا قول من قال : معناه أنّ كلّها جياد لا رذال فيه ، وقال بعض المتأخّرين في قوله : * ( هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ) * معناه هذا الّذي أعطينا بعبادتنا من قبل .
وقال أبو عليّ : معناه ذلك ما يؤتون به في كلّ وقت من الثواب مثل الّذي يؤتى في الوقت الّذي قبله من غير زيادة ولا نقصان ، لأنّه لا بدّ أن تتساوى مقادير الاستحقاق في ذلك ، وقال أيضاً : يجب أن يسوي بينهم في الأوقات في مقدار ما يتفضل به عليهم في وقت ، ويزدادون في وقت آخر ، قال : لأنّ ذلك يؤدّي إلى أنّ التفضّل أعظم من الثواب .
وهذا الّذي ذكره غير صحيح ، لأنّ العقل لا يدلّ على مقادير الثواب في الأوقات ولا يعلم ذلك غير الله ، بل عندنا لا يدلّ العقل على دوام الثواب ، وإنّما علم ذلك بالسمع والاجماع ، وأمّا التفضّل فلا شك أنّه يجوز أن يزيد في وقت على ما يفضله في وقت آخر ، ولا يؤدّي ذلك إلى مساواته للثواب ، لأنّ الثواب يتميّز من التفضل لمقارنة التعظيم له والتبجيل ، ولأجل ذلك يتميّز كلّ جزء من الثواب من كلّ جزء من التفضّل ولا زيادة هناك .
وقوله : * ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ) * قيل في الأبدان والأخلاق والأفعال ولا يحضن ، ولا يلدن ، ولا يذهبن إلى غائط ، وهو قول جماعة المفسّرين .
وقوله : * ( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) * أي دائمون يبقون ببقاء الله لا انقطاع لذلك ولا نفاد .