وقال قوم : هذا الّذي رزقنا من قبل لمشابهته في اللون وإن خالفه في الطعم ، وأقوى الأقوال قول ابن عباس وأنّ معناه هذا الّذي رزقنا في الدنيا ، لأنّه قال : * ( كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ) * فعمّ ولم يخصّ ، فأول ما أتوا به لا يتقدر هذا القول فيه إلاّ بأن يكون إشارة إلى ما تقدّم رزقه في الدنيا ، لأنّا فرضناه أولاً وليس في الآية تخصيص ، ويكون التقدير هذا الّذي رزقنا في الدنيا لأنّ ما رزقوه أولاً قد عدم وأقام المضاف إليه مقام المضاف ، كما أنّ القائل إذا قال لغيره : أعددت لك طعاماً ، ووصفه له ، يحسن أن يقول : هذا طعام كلّ وقت يريد مثله ومن جنسه ، ونوعه وقوله : * ( وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً ) * قال الضحاك : إذا رأوه قالوا : هو الأوّل في النظر واللون ، وإذا طعموا وجدوا له طعماً غير طعم الأوّل وقوله : * ( وَأُتُوا بِهِ ) * معناه جيئوا به ، وليس معناه أعطوه .
وقال قوم : * ( وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً ) * أي يشبه بعضه بعضاً إلاّ في المنظر والطعم ، أي كلّ واحد منه له من الفضل في نحوه مثل الّذي للآخر في نحوه ، ذكره الأخفش ، وهذا كقول القائل : وقد جيئ بأثواب أو أشياء رآها فاضلة فاشتبهت عليه في الفضل ، فقال : ما أدري ما أختار منها كلّها عندي فاضل . قال الشاعر :
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم * مثل النجوم التي يسري بها الساري [1] يعني أنّهم تساووا في الفضل والسؤدد ، وروي هذا عن الحسن وابن جريج ، وقال قتادة : معناه يشبه ثمار الدنيا غير أنّها أطيب ، وقال ابن زيد