بعقولهم أنّه من كلام الله ، وهذا هو معنى الاحتجاج بالعقول ، فيجب أن يكون ذلك صحيحاً من كلّ واحد .
قوله تعالى : * ( وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ولَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وهُمْ فِيها خالِدُونَ ) * آية ( 25 ) .
وقال الفضل : الجنة كلّ بستان فيه نخل ، وإن لم يكن شجر غيره ، وإن كان فيه كرم فهو فردوس ، كان فيه شجر غير الكرم أم لم يكن .
* ( مِنْ ثَمَرَةٍ ) * من زائدة والمعنى : كلّما رزقوا ثمرة و * ( منها ) * يعني من الجنات ، والمعنى أشجارها وتقديرها كلّما رزقوا من أشجار البساتين التي أعدها الله للمؤمنين ، وقال الرماني : هي بمعنى التبعيض ، لأنّهم يرزقون بعض الثمرات في كلّ وقت ، ويجوز أن تكون بمعنى تبيين الصفة ، وهو أن يبيّن الرزق من أيّ جنس هو .
وقوله : * ( هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ) * روي عن ابن عباس ، وابن مسعود وجماعة من الصحابة أنّه الّذي رزقنا في الدنيا ، وقال مجاهد : معناه أشبهه به ، وقال بعضهم : إنّ ثمار الجنة إذا جنيت من أشجارها ، عاد مكانها فإذا رأوا ما عاد بعد الّذي جني ، اشتبه عليهم فقالوا : هذا الّذي رزقنا من قبل ، وهذا قول أبي عبيدة ، ويحيى بن أبي كثير ، وقال قوم : هذا الّذي رزقنا ، وعدنا به في الدنيا ، وقد بيّنا فيما تقدّم ، أنّ الرزق عبارة عمّا يصحّ الانتفاع به على وجه لا يكون لأحد المنع منه ، وقال المفضل : ذلك يخص الأقوات .