ولم يكن هذا من متفرّدات الزركشي ، بل هو رأي آخرين سبقوه ، منهم ابن عطيّة ( ت 546 ه ) فقد قال في مقدمة تفسير الجامع المحرّر : فأمّا صدر المفسّرين والمؤيّد فيهم ، فعلي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ، ويتلوه عبد الله بن عباس ( رضي الله عنه ) ، وهو تجرّد للأمر وكمّله ، وتبعه العلماء عليه كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما ، والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب . وقال ابن عباس : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب ، وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ، ويحضّ على الأخذ عنه .
وكان عبد الله بن مسعود يقول : نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وهو الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : “ اللّهمّ فقهّه في الدين ” وحسبك بهذه الدعوة ، وقال عنه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : “ ابن عباس كأنّما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ” ويتلوه أي ابن عباس عبد الله بن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ من الصحابة فحسن متقدم ) [1] .
فهذا ابن عطية وهو من علماء القرن السادس كان أكثر دقة من الذين أتوا بعده ، كالسيوطي وغيره حين لم يحشر أسماء الخلفاء الثلاثة مع المشهورين من مفسري الصحابة ، ولسنا في مقام تجريد لهم عن حقل المعرفة بالتفسير ، وإنّما غرضنا معرفة مقام ابن عباس بين مفسري الصحابة ، حيث ظهر أنّه كان المصلّي بعد أستاذه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث كان هو المجلّي . وإليه ينسب البيت المفيد المجيد [2] .
جميع العلم في القرآن لكن * * تقاصر عنه أفهام الرجال