خرجوا من ظلمة الكفر ، أطفأوه بكفرهم به ، فتركهم في ظلمات الكفر ، فهم لا يبصرون هدى ، ولا يستقيمون على حقّ .
وروي عنه أيضاً أنّه قال : هذا مثل ضربه الله تعالى للمنافقين ، أنّهم كانوا يعتزون بالاسلام ، فيناكحهم المسلمون ويولدونهم ، ويقاسمونهم الفيء ، فلمّا ماتوا ، سلبهم الله ذلك العز ، كما سلب صاحب النار ضوءه ، وتركهم في عذاب [1] ، وهو أحسن الوجوه .
وقال أبو مسلم : معناه أنّه لا نور لهم في الآخرة ، وإنّ ما أظهروه في الدنيا ، يضمحل سريعاً كاضمحلال هذه اللمعة ، وحال من يقع في الظلمة بعد الضياء أشقى في الحيرة ، فكذلك حال المنافقين في حيرتهم بعد اهتدائهم ، ويزيد استضرارهم على استضرار من طفئت ناره بسوء العاقبة .
وروي عن ابن مسعود وغيره أنّ ذلك في قوم كانوا أظهروا الإسلام ، ثم أظهروا النفاق ، فكان النور الايمان ، والظلمة نفاقهم [2] ، وقيل فيها وجوه تقارب ما قلناه .
وتقدر بعد قوله : * ( فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ) * انطفأت لدلالة الكلام عليها كما قال أبو ذؤيب الهذلي :
دعاني إليها القلب إنّي لأمره * مطيع فما أدري ارشد طلابها ؟ [3] وتقديره ، أرشد طلابها أم غي ؟
وقال الفراء : يقال ضاء القمر يضوء ، وأضاء يضيئ ، لغتان وهو الضوء