نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 698
وقال بعده : * ( إِنَّه لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) * [ النحل / 23 ] . والتَّكَبُّرُ يقال على وجهين : أحدهما : أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة على محاسن غيره ، وعلى هذا وصف اللَّه تعالى بالتّكبّر . قال : * ( الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ) * [ الحشر / 23 ] . والثاني : أن يكون متكلَّفا لذلك متشبّعا ، وذلك في وصف عامّة الناس نحو قوله : * ( فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) * [ الزمر / 72 ] ، وقوله : * ( كَذلِكَ يَطْبَعُ الله عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) * [ غافر / 35 ] ومن وصف بالتّكبّر على الوجه الأوّل فمحمود ، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم ، ويدلّ على أنه قد يصحّ أن يوصف الإنسان بذلك ولا يكون مذموما ، وقوله : * ( سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) * [ الأعراف / 146 ] فجعل متكبّرين بغير الحقّ ، وقال : * ( عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) * [ غافر / 35 ] بإضافة القلب إلى المتكبّر . ومن قرأ : بالتّنوين [1] جعل المتكبّر صفة للقلب ، والْكِبْريَاءُ : الترفع عن الانقياد ، وذلك لا يستحقه غير اللَّه ، فقال : * ( ولَه الْكِبْرِياءُ ) * فِي السَّماواتِ والأَرْضِ [ الجاثية / 37 ] ولما قلنا روي عنه صلَّى اللَّه عليه وسلم يقول عن اللَّه تعالى : « الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قصمته » [2] ، وقال تعالى : * ( قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْه آباءَنا وتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الأَرْضِ ) * [ يونس / 87 ] ، وأكْبَرْتُ الشيء : رأيته كَبِيراً . قال تعالى : * ( فَلَمَّا رَأَيْنَه أَكْبَرْنَه ) * [ يوسف / 31 ] . والتَّكْبِيرُ يقال لذلك ، ولتعظيم اللَّه تعالى بقولهم : اللَّه أَكْبَرُ ، ولعبادته واستشعار تعظيمه ، وعلى ذلك : * ( ولِتُكَبِّرُوا ) * الله عَلى ما هَداكُمْ [ البقرة / 185 ] ، * ( وكَبِّرْه ) * تَكْبِيراً [ الإسراء / 111 ] ، وقوله : * ( لَخَلْقُ السَّماواتِ والأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) * [ غافر / 57 ] فهي إشارة إلى ما خصّهما اللَّه تعالى به من عجائب صنعه ، وحكمته التي لا يعلمها إلَّا قليل ممّن وصفهم بقوله : * ( ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * [ آل عمران / 191 ] فأمّا عظم جثّتهما فأكثرهم يعلمونه . وقوله : * ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ) * [ الدخان / 16 ] فتنبيه أنّ كلّ ما ينال الكافر من العذاب قبل ذلك في الدّنيا وفي البرزخ صغير في جنب عذاب ذلك اليوم . والْكُبَارُ أبلغ من الْكَبِيرُ ، والْكُبَّارُ أبلغ من ذلك . قال تعالى : * ( ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً ) * [ نوح / 22 ] .
[1] قرأ : * ( عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ بالتنوين أبو عمرو وابن عامر بخلفه . انظر : الإتحاف ص 378 . [2] الحديث عن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « يقول اللَّه عزّ وجلّ : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما أدخلته النار » أخرجه مسلم في البر والصلة برقم ( 2620 ) ، والبيهقي في الأسماء والصفات ص 173 .
نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 698