نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 32
وفي الحقيقة الحكيم المطلق هو اللَّه تعالى ، وكلّ من أدرك من المعقولات نصيبا سمّي على سبيل التجوّز والاستعارة حكيما لدنوّه من اللَّه تعالى وتشبّهه به [1] . - وأمّا حكمة الإشراق فهي من العلوم الفلسفية بمنزلة التصوف من العلوم الإسلامية ، كما أنّ الحكمة الطبيعية الإلهية بمنزلة الكلام منها . وبيان ذلك أنّ السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع بما له من صفات الكمال ، والتنزّه عن النقصان . والطريق إلى هذه المعرفة من وجهين : 1 - طريقة أهل النظر والاستدلال ، 2 - وطريقة أهل الرياضة والمجاهدات . والسالكون للطريقة الأولى إن التزموا ملة من ملل الأنبياء فهم المتكلمون ، وإلا فهم الحكماء المشاؤن . والسالكون للطريقة الثانية إن وافقوا في رياضتهم أحكام الشرع فهم الصوفية ، وإلا فهم الحكماء الإشراقيون . وعلوم الفلسفة والحكمة سبعة : المنطق ، وهو المقدّم ، وبعده التعاليم فالارتماطيقي أولا ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات . - وأكثر من عني بها من الأجيال فارس والروم . ولما فتح المسلمون بلاد فارس ، وأصابوا من كتبهم ، كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأن كتبها ، وتنفيلها للمسلمين ، فكتب إليه عمر أن اطرحوها في الماء ، فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا اللَّه بأهدى منه ، وإن يكن ضلالا فقد كفانا اللَّه ، فطرحوه في الماء أو في النار فذهبت علومهم . ولم تدخل في الصدر الأول في علوم المسلمين ، وصانهم اللَّه عنها . وأمّا الروم فكان لهذه لعلوم عندهم شأن عظيم ، ويزعمون أن سند تعليمهم يتصل بلقمان الحكيم . ولما ظهر الإسلام بعث أبو جعفر المنصور إلى ملك الروم أن يبعث إليه بكتب التعاليم مترجمة ، فبعث إليه بكتاب إقليدس وبعض كتب الطبيعيات ، وقرأها المسلمون واطلعوا
[1] انظر : نزهة الأرواح وروضة الأفراح 1 / 8 - 9 . يريد بذلك التخلَّق بأخلاق اللَّه ، كما ورد ذلك في الحديث الشريف .
نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 32