responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 63


الله سبحانه بوجه من الوجوه لأنهم لا يعلمون الغيب ، قال بهذا جماعة من المفسرين . وقال بعض المفسرين : إن في الكلام حذفا ، والتقدير : إني جاعل في الأرض خليفة يفعل كذا وكذا ، فقالوا ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) وقوله ( يفسد ) قائم مقام المفعول الثاني . والفساد : ضد الصلاح وسفك الدم : صبه ، قاله ابن فارس والجوهري :
ولا يستعمل السفك إلا في الدم ، وواحد الدماء دم ، وأصله دمي حذف لامه ، وجملة ونحن نسبح بحمدك حالية والتسبيح في كلام العرب : التنزيه والتبعيد من السوء على وجه التعظيم . قال الأعشى :
أقول لما جاءني فخره * سبحان من علقمة الفاخر و ( بحمدك ) في موضع الحال : أي حامدين لك ، وقد تقدم معنى الحمد . والتقديس : التطهير ، أي ونطهرك عما لا يليق بك مما نسبه إليك الملحدون وافتراه الجاحدون . وذكر في الكشاف أن معنى التسبيح والتقديس واحد وهو تبعيد الله من السوء ، وأنهما من سبح في الأرض والماء وقدس في الأرض إذا ذهب فيها وأبعد . وفي القاموس وغيره من كتب اللغة ما يرشد إلى ما ذكرناه والتأسيس خير من التأكيد خصوصا في كلام الله سبحانه . ولما كان سؤالهم واقعا على صفة تستلزم إثبات شئ من العلم لأنفسهم . أجاب الله سبحانه عليهم بقوله ( إني أعلم ما لا تعلمون ) وفي هذا الإجمال ما يغني عن التفصيل ، لأن من علم مالا يعلم المخاطب له كان حقيقا بأن يسلم له ما يصدر عنه ، وعلى من لا يعلم أن يعترف لمن يعلم بأن أفعاله صادرة على ما يوجبه العلم وتقتضيه المصلحة الراجحة والحكمة البالغة . ولم يذكر متعلق قوله ( تعلمون ) ليفيد التعميم ، ويذهب السامع عند ذلك كل مذهب ويعترف بالعجز ويقر بالقصور ، وقد أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : إن الله أخرج آدم من الجنة قبل أن يخلقه ثم قرأ ( إني جاعل في الأرض خليفة ) وأخرج الحاكم وصححه عنه أيضا نحوه وزاد . وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان ، فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء ، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله عليهم جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور ، فلما قال الله ( إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كما فعل أولئك الجان فقال الله ( إني أعلم مالا تعلمون ) وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو مثله . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أطول منه . وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال : لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش ، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا ، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن ، وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة ، وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره كبر وقال : ما أعطاني الله هذا إلا لمزية لي فاطلع الله على ذلك منه فقال للملائكة ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قالوا : ربنا وما يكون ذلك الخليفة ؟ قال يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا قالوا ربنا ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون ) وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : قد علمت الملائكة وعلم الله أنه لا شئ أكره عند الله من سفك الدماء والفساد في الأرض . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال :
إياكم والرأي ، فإن الله رد الرأي على الملائكة وذلك أن الله قال ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قالت الملائكة ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) قال ( إني أعلم مالا تعلمون ) . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي سابط أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " دحيت به الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت " فهي أول من طاف به وهي الأرض التي قال الله ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال ابن كثير : وهذا مرسل في سنده ضعف ، وفيه مدرج ، وهو أن المراد بالأرض مكة ، والظاهر أن المراد بالأرض أعم من ذلك انتهى . وأخرج

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست