responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 541


وقيل ( روح منه ) أي رحمة منه ، وقيل ( روح منه ) أي برهان منه ، وكان عيسى برهانا وحجة على قومه . وقوله ( منه ) متعلق بمحذوف وقع صفة لروح ، أي كائنة منه وجعلت الروح منه سبحانه وإن كانت بنفخ جبريل لكونه تعالى الآمر لجبريل بالنفخ ( فآمنوا بالله ورسله ) أي بأنه سبحانه إله واحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وبأن رسله صادقون مبلغون عن الله ما أمرهم بتبليغه ، ولا تكذبوهم ولا تغلوا فيهم ، فتجعلوا بعضهم آلهة . قوله ( ولا تقولوا ثلاثة ) ارتفاع ثلاثة على أنه خبر مبتدأ محذوف قال الزجاج : أي لا تقولوا آلهتنا ثلاثة ، وقال الفراء وأبو عبيد : أي لا تقولوا هم ثلاثة كقوله - سيقولون ثلاثة - وقال أبو علي الفارسي : لا تقولوا هو ثالث ثلاثة ، فحذف المبتدأ والمضاف ، والنصارى مع تفرق مذاهبهم متفقون على التثليث ، ويعنون بالثلاثة الثلاثة الأقانيم فيجعلونه سبحانه جوهرا واحدا وله ثلاثة أقانيم ، ويعنون بالأقانيم أقنوم الوجود ، وأقنوم الحياة ، وأقنوم العلم ، وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس ، فيعنون بالأب الوجود وبالروح الحياة وبالابن المسيح .
وقيل المراد بالآلهة الثلاثة : الله سبحانه وتعالى ، ومريم والمسيح . وقد اختبط النصارى في هذا اختباطا طويلا .
ووقفنا في الأناجيل الأربعة التي يطلق عليها عندهم اسم الإنجيل على اختلاف كثير في عيسى : فتارة يوصف بأنه ابن الإنسان ، وتارة يوصف بأنه ابن الله ، وتارة يوصف بأنه ابن الرب ، وهذا تناقض ظاهر وتلاعب بالدين . والحق ما أخبرنا الله به في القرآن ، وما خالفه في التوراة أو الإنجيل أو الزبور فهو من تحريف المحرفين وتلاعب المتلاعبين . ومن أعجب ما رأيناه أن الأناجيل الأربعة كل واحد منها منسوب إلى واحد من أصحاب عيسى عليه السلام .
وحاصل ما فيها جميعا أن كل واحد من هؤلاء الأربعة ذكر سيرة عيسى من عند أن بعثه الله إلى أن رفعه إليه ، وذكر ما جرى له من المعجزات والمراجعات لليهود ونحوهم ، فاختلفت ألفاظهم ، واتفقت معانيها ، وقد يزيد بعضهم على بعض بحسب ما يقتضيه الحفظ والضبط ، وذكر ما قاله عيسى وما قيل له ، وليس فيها من كلام الله سبحانه شئ ، ولا أنزل على عيسى من عنده كتابا ، بل كان عيسى عليه السلام يحتج عليهم بما في التوراة ويذكر أنه لم يأت بما يخالفها ، وهكذا الزبور فإنه من أوله إلى آخره من كلام داود عليه السلام . وكلام الله أصدق ، وكتابه أحق ، وقد أخبرنا أن الإنجيل كتابه أنزله على عبده ورسوله عيسى ابن مريم ، وأن الزبور كتابه آتاه داود وأنزله عليه . قوله ( انتهوا خيرا لكم ) أي انتهوا عن التثليث ، وانتصاب " خيرا " هنا فيه الوجوه الثلاثة التي تقدمت في قوله ( فآمنوا خيرا لكم ) . ( إنما الله إله واحد ) لا شريك له صاحبة ولا ولد ( سبحانه أن يكون له ولد ) أي أسبحه تسبيحا عن أن يكون له ولد ( له ما في السماوات وما في الأرض ) وما جعلتموه له شريكا أو ولدا هو من جملة ذلك ، والمملوك المخلوق لا يكون شريكا ولا ولدا ( وكفى بالله وكيلا ) نكل الخلق أمورهم إليه ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم : " إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله ، قالوا ما نعلم ذلك .
فأنزل الله ( لكن الله يشهد ) الآية " وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي موسى أن النجاشي قال لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله هو روح الله وكلمته ، أخرجه من البتول الحوراء لم يقربها بشر ، فتناول عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه . وأخرجه البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود بأطول من هذا .

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست