responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 475


والإزالة : أي يميلونه ويزيلونه عن مواضعه ويجعلون مكانه غيره ، أو المراد أنهم يتأولونه على غير تأويله وذمهم الله عز وجل بذلك ، لأنهم يفعلونه عنادا وبغيا ، وتأثيرا لغرض الدنيا . قوله ( ويقولون سمعنا وعصينا ) أي سمعنا قولك وعصينا أمرك ( واسمع غير مسمع ) أي اسمع حال كونك غير مسمع . وهو يحتمل أن يكون دعاء على النبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : اسمع لا سمعت ، ويحتمل أن يكون المعنى : اسمع غير مسمع مكروها ، أو اسمع غير مسمع جوابا . وقد تقدم الكلام في راعنا . ومعنى : ( ليا بألسنتهم ) أنهم يلوونها عن الحق : أي يميلونها إلى ما في قلوبهم ، وأصل اللي : الفتل ، وهو منتصب على المصدر ، ويجوز أن يكون مفعولا لأجله . قوله ( وطعنا في الدين ) معطوف على ليا : أي يطعنون في الدين بقولهم : لو كان نبيا لعلم أنا نسبه ، فأطلع الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ( ولو أنهم قالوا سمعنا ) قولك ( وأطعنا ) أمرك ( واسمع ) ما نقول ( وانظرنا ) أي لو قالوا هذا مكان قولهم راعنا ( لكان خيرا لهم ) مما قالوه ( وأقوم ) أي أعدل وأولى من قولهم الأول وهو قولهم ( سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ) لما في هذا من المخالفة وسوء الأدب ، واحتمال الذم في راعنا ( ولكن ) لم يسلكوا المسلك الحسن ويأتوا بما هو خير لهم وأقوم ، ولهذا ( لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) أي إلا إيمانا قليلا ، وهو الإيمان ببعض الكتب دون بعض وببعض الرسل دون بعض . قوله ( يا أيها الذين أوتوا الكتاب ) ذكر سبحانه أولا أنهم أوتوا نصيبا من الكتاب ، وهنا ذكر أنهم أوتوا الكتاب . والمراد أنهم أوتوا نصيبا منه ، لأنهم لم يعملوا بجميع ما فيه ، بل حرفوا وبدلوا . وقوله ( مصدقا ) منتصب على الحال . والطمس : استئصال أثر الشئ ، ومنه - وإذا النجوم طمست - يقال نطمس بكسر الميم وضمها لغتان في المستقبل ويقال طمس الأثر أي محاه كله ، ومنه - ربنا اطمس على أموالهم - أي أهلكها ويقال هو مطموس البصر ، ومنه - ولو نشاء لطمسنا على أعينهم - أي أعميناهم .
واختلف العلماء في المعنى المراد بهذه الآية هل هو حقيقة ؟ فيجعل الوجه كالقفا ، فيذهب بالأنف والفم والحاجب والعين ، أو ذلك عبارة عن الضلالة في قلوبهم وسلبهم التوفيق ؟ فذهب إلى الأول طائفة ، وذهب إلى الآخر آخرون ، وعلى الأول فالمراد بقوله ( فنردها على أدبارها ) نجعلها قفا : أي نذهب بآثار الوجه وتخطيطه حتى يصير على هيئة القفا ، وقيل إنه بعد الطمس يردها إلى موضع القفا ، والقفا إلى مواضعها ، وهذا هو ألصق بالمعنى الذي يفيده قوله ( فتردها على أدبارها ) . فإن قيل : كيف جاز أن يهددهم بطمس الوجوه إن لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بهم ؟ فقيل : إنه لما آمن هؤلاء ومن اتبعهم رفع الوعيد عن الباقين . وقال المبرد : الوعيد باق منتظر وقال : لا بد من طمس في اليهود ، ونسخ قبل يوم القيامة . قوله : ( أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت ) الضمير عائد إلى أصحاب الوجوه ، قيل المراد باللعن هنا المسخ لأجل تشبيه بلعن أصحاب السبت ، وكان لعن السبت مسخهم قردة وخنازير ، وقيل المراد نفس اللعنة وهم ملعونون بكل لسان . والمراد وقوع أحد الأمرين : إما الطمس ، أو اللعن . وقد وقع اللعن ، ولكنه يقوى الأول تشبيه هذا اللعن بلعن أهل السبت . قوله ( وكان أمر الله مفعولا ) أي كائنا موجودا لا محالة ، أو يراد بالأمر المأمور . والمعنى أنه متى أراده كان ، كقوله - إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون - قوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) هذا الحكم يشمل جميع طوائف الكفار من أهل الكتاب وغيرهم ، ولا يختص بكفار أهل الحرب ، لأن اليهود قالوا عزير ابن الله ، وقالت النصارى المسيح ابن الله ، وقالوا ثالث ثلاثة . ولا خلاف بين المسلمين أن المشرك إذا مات على شركه لم يكن من أهل المغفرة التي تفضل الله بها على غير أهل الشرك حسبما تقتضيه مشيئته ، وأما غير أهل الشرك من عصاة المسلمين فداخلون تحت المشيئة يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء . قال ابن جرير : قد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة في مشيئة الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه ما لم تكن كبيرته شركا بالله عز وجل . وظاهره أن المغفرة منه سبحانه تكون

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست