وقيل إن الله سبحانه توفاه ثلاث ساعات من نهار ثم رفعه إلى السماء ، وفيه ضعف ، وقيل المراد بالوفاة هنا النوم ومثله - هو الذي الذي يتوفاكم بالليل - أي ينيمكم ، وبه قال كثيرون . قوله ( ومطهرك من الذين كفروا ) أي من حيث جوازهم برفعه إلى السماء وبعده عنهم . قوله ( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ) أي الذين اتبعوا ما جئت به وهم خلص أصحابه الذين لم يبلغوا في الغلو فيه إلى ما بلغ من جعله إلها ، ومنهم المسلمون فإنهم اتبعوا ما جاء به عيسى عليه السلام ووصفوه بما يستحقه من دون غلو ، فلم يفرطوا في وصفه كما فرطت اليهود ولا أفرطوا كما أفرطت النصارى . وقد ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم . وقيل المراد بالآية أن النصارى الذين هم أتباع عيسى لا يزالون ظاهرين على اليهود غالبين لهم قاهرين لمن وجد منهم ، فيكون المراد بالذين كفروا هم اليهود خاصة وقيل هم الروم لا يزالون ظاهرين على من خالفهم من الكافرين ، وقيل هم الحواريون لا يزالون ظاهرين على من كفر بالمسيح ، وعلى كل حال فغلبة النصارى لطائفة من الكفار أو لكل طوائف الكفار لا ينافي كونهم مقهورين مغلوبين بطوائف المسلمين كما تفيده الآيات الكثيرة ، بأن هذه الملة الإسلامية ظاهرة على كل الملل ، قاهرة لها مستعلية عليها . وقد أفردت هذه الآية بمؤلف سميته [ وبل الغمامة في تفسير - وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة - ] فمن رام استيفاء ما في المقام فليرجع إلى ذلك . والفوقية هنا هي أعم من أن تكون بالسيف أو بالحجة . وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويحكم بين العباد بالشريعة المحمدية ، ويكون المسلمون أنصاره وأتباعه إذ ذاك ، فلا يبعد أن يكون في هذه الآية إشارة إلى هذه الحالة . قوله ( ثم إلى مرجعكم ) أي رجوعكم ، وتقديم الظرف للقصر ( فأحكم بينكم ) يومئذ ( فيما كنتم فيه تختلفون ) من أمور الدين . وقوله ( فأما الذين كفروا ) إلى قوله ( والله لا يحب الظالمين ) تفسير للحكم . قوله ( في الدنيا والآخرة ) متعلق بقوله : فأعذبهم ، أما تعذيبهم في الدنيا فبالقتل والسبي والجزية والصغار ، وأما في الآخرة فبعذاب النار . قوله ( فنوفيهم أجورهم ) أي نعطيهم إياها كاملة موفرة ، قرئ بالتحتية وبالنون . وقوله ( لا يحب الظالمين ) كناية عن بغضهم ، وهي جملة تذييلية مقررة لما قبلها . قوله ( ذلك ) إشارة إلى ما سلف من نبأ عيسى وغيره وهو مبتدأ خبره ما بعده ، و ( من الآيات ) حال أو خبر بعد خبر .
والحكيم المشتمل على الحكم أو المحكم الذي لا خلل فيه .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ( فلما أحس عيسى منهم الكفر ) قال : كفروا وأرادوا قتله ، فذلك حين استنصر قومه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم كانوا صيادين . وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : الحواريون قصارون مر بهم عيسى فآمنوا به . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال :
الحواريون هم الذين تصلح لهم الخلافة . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : هم أصفياء الأنبياء . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك مثله . وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة قال : الحواري الوزير .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : الحواري الناصر . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ( فاكتبنا مع الشاهدين ) قال : مع محمد وأمته أنهم شهدوا له أنه قد بلغ ، وشهدوا للرسل أنهم قد بلغوا . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه قال ( مع الشاهدين ) مع أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وأخرج ابن جرير عن السدي قال : إن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت ، فقال عيسى لأصحابه : من يأخذ