تهل بالفرقد ركبانها * كما يهل الراكب المعتمر * وقال النابغة : أو درة صدفية غواصها * بهج متى يرها يهل ويسجد ومنه إهلال الصبي ، واستهلاله : وهو صياحه عند ولادته . والمراد هنا : ما ذكر عليه اسم غير الله كاللات والعزى إذا كان الذابح وثنيا ، والنار إذا كان الذابح مجوسيا . ولا خلاف في تحريم هذا وأمثاله ، ومثله ما يقع من المعتقدين للأموات من الذبح على قبورهم ، فإنه مما أهل به لغير الله ، ولا فرق بينه وبين الذبح للوثن . قوله ( فمن اضطر ) قرئ بضم النون للاتباع وبكسرها على الأصل في التقاء الساكنين ، وفيه إضمار : أي فمن اضطر إلى شئ من هذه المحرمات . وقرأ ابن محيصن بإدغام الضاد في الطاء . وقرأ أبو السماك بكسر الطاء . والمراد من صيره الجوع والعدم إلى الاضطرار إلى الميتة . قوله ( غير باغ ) نصب على الحال . قيل المراد بالباغي : من يأكل فوق حاجته ، والعادي : من يأكل هذه المحرمات وهو يجد عنها مندوحة ، وقيل غير باغ على المسلمين وعاد عليهم ، فيدخل في الباغي والعادي قطاع الطريق والخارج على السلطان وقاطع الرحم ونحوهم ، وقيل المراد غير باغ على مضطر آخر ولا عاد سدا الجوعة .
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ) قال : من الحلال .
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز أن المراد بما في الآية : طيب الكسب لا طيب الطعام . وأخرج ابن جرير عن الضحاك : أنها حلال الرزق . وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال - يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم - وقال - يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم - ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له " . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ( وما أهل ) قال :
ذبح . وأخرج ابن جرير عنه قال ( ما أهل به ) للطواغيت . وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : ما ذبح لغير الله . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية . قال : ما ذكر عليه اسم غير الله . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( غير باغ ولا عاد ) يقول : من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج ، ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله ( غير باغ ) قال : في الميتة ( ولا عاد ) قال :
في الأكل . وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( غير باغ ولا عاد ) قال : غير باغ على المسلمين ولا معتد عليهم ، فمن خرج يقطع الرحم أو يقطع السبيل أو يفسد في الأرض أو مفارقا للجماعة والأئمة ، أو خرج في معصية الله فاضطر إلى الميتة لم تحل له . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : العادي الذي يقطع الطريق . وقوله ( فلا إثم عليه ) يعني في أكله ( إن الله غفور رحيم ) لمن أكل من الحرام رحيم به إذ أحل له الحرام في الاضطرار . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد ) غير باغ في أكله ، ولا عاد يتعدى الحلال إلى الحرام وهو يجد عنه بلغة ومندوحة .