responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 92


فإن قال لنا قائل : وما معنى قوله : الحمد لله ؟ أحمد الله نفسه جل ثناؤه فأثنى عليها ، ثم علمناه لنقول ذلك كما قال ووصف به نفسه ؟ فإن كان ذلك كذلك ، فما وجه قوله تعالى ذكره إذا : إياك نعبد وإياك نستعين وهو عز ذكره معبود لا عابد ؟ أم ذلك من قيل جبريل أو محمد رسول الله ( ص ) ؟ فقد بطل أن يكون ذلك لله كلاما .
قيل : بل ذلك كله كلام الله جل ثناؤه ولكنه جل ذكره حمد نفسه وأثنى عليها بما هو له أهل ، ثم علم ذلك عباده وفرض عليهم تلاوته ، اختبارا منه لهم وابتلاء ، فقال لهم : قولوا الحمد لله رب العالمين وقولوا : إياك نعبد وإياك نستعين فقوله : إياك نعبد ، مما علمهم جل ذكره أن يقولوه ويدينوا له بمعناه . وذلك موصول بقوله الحمد لله رب العالمين ، وكأنه قال : قولوا هذا وهذا .
فإن قال : وأين قوله : قولوا فيكون تأويل ذلك ما ادعيت ؟ قيل : قد دللنا فيما مضى أن العرب من شأنها إذا عرفت مكان الكلمة ولم تشك أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ما حذفت ، حذف ما كفى منه الظاهر من منطقها ، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التي حذفت قولا أو تأويل قول ، كما قال الشاعر :
واعلم أنني لا أكون رمسا * إذا سار النواعج لا يسير فقال السائلون لمن حفرتم * فقال المخبرون لهم وزير قال أبو جعفر : يريد بذلك : فقال المخبرون لهم : الميت وزير ، فأسقط الميت ، إذ كان قد أتى من الكلام بما يدل على ذلك . وكذلك قول الآخر :
ورأيت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا وقد علم أن الرمح لا يتقلد ، وأنه إنما أراد : وحاملا رمحا . ولكن لما كان معلوما معناه اكتفى بما قد ظهر من كلامه عن إظهار ما حذف منه . وقد يقولون للمسافر إذا ودعوه :
مصاحبا معافى ، يحذفون سر واخرج إذ كان معلوما معناه وإن أسقط ذكره . فكذلك ما حذف من قول الله تعالى ذكره : الحمد لله رب العالمين لما علم بقوله عز وجل : إياك نعبد ما أراد بقوله : الحمد لله رب العالمين من معنى أمره عباده ، أغنت دلالة ما ظهر عليه من القول عن إبداء ما حذف .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست