أفترى الزاعم أن تأويل قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " أنزل القرآن على سبعة أحرف " إنما هو أنه نزل على الأوجه السبعة التي ذكرنا : من الامر ، والنهي ، والوعد ، والوعيد ، والجدل ، والقصص ، والمثل ، كان يرى أن مجاهدا وسعيدا بن جبير لم يقرءا من القرآن إلا ما كان من وجهيه ، أو وجوهه الخمسة ، دون سائر معانيه ؟ لئن كان ظن ذلك بهما لقد ظن بهما غير الذي يعرفان به من منازلهما من القرآن ومعرفتهما بآي الفرقان .
46 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أيوب ، عن محمد ، قال : نبئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له جبرائيل : اقرأ القرآن على حرفين ! فقال له ميكائيل : استزده ! فقال : اقرأ القرآن على ثلاثة أحرف ! فقال له ميكائيل :
استزده ! قال : حتى بلغ سبعة أحرف . قال محمد : لا تختلف في حلال ، ولا حرام ، ولا أمر ، ولا نهي ، هو كقولك تعال ، وهلم ، وأقبل . قال : وفي قراءتنا : ( إن كانت إلا صيحة واحدة ) [1] وفي قراءة ابن مسعود : " إن كانت إلا زقية واحدة " .
47 - وحدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا شعيب - يعني ابن الحبحاب - قال : كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل " ليس كما يقرأ " وإنما يقول : " أما أنا فأقرأ كذا وكذا " . قال : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال : أرى صاحبك قد سمع أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله .
48 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : حدثنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب : أن الذي ذكر الله تعالى ذكره : ( إنما يعلمه بشر ) [2] إنما افتتن أنه كان يكتب الوحي ، فكان يملي عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " سميع عليم " ، أو " عزيز حكيم " ، أو غير ذلك من خواتم الآي ، ثم يشتغل عنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو على الوحي ، فيستفهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فيقول : أعزيز حكيم ، أو سميع عليم ، أو عزيز عليم ؟
فيقول له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أي ذلك كتبت ، فهو كذلك " . ففتنه ذلك ، فقال : إن محمدا وكل ذلك إلي ، فأكتب ما شئت . وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .
49 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، قال : من كفر بحرف من القرآن أو بآية منه فقد كفر به كله [3] .