فمعلوم أن عبد الله لم يعن بقوله هذا : من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد ، ومن قرأ ما فيه من الوعد والوعيد فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من القصص والمثل ، وإنما عنى رحمة الله عليه أن من قرأ بحرفه ، وحرفه : قراءته .
وكذلك تقول العرب لقراءة رجل : حرف فلان ، وتقول للحرف من حروف الهجاء المقطعة : حرف . كما تقول لقصيدة من قصائد الشاعر : كلمة فلان . فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه .
ومن قرأ بحرف أبي ، أو بحرف زيد ، أو بحرف بعض من قرأ من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببعض الأحرف السبعة ، فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه ، فإن الكفر ببعضه كفر بجميعه ، والكفر بحرف من ذلك كفر بجميعه . يعني بالحرف ما وصفناه من قراءة بعض من قرأ ببعض الأحرف السبعة . وقد :
42 - حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، قال :
قرأ أنس هذه الآية : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا ) [1] . فقال القوم :
يا أبا حمزة ، إنما هي وأقوم . فقال : أقوم وأصوب وأهدى واحد .
43 - وحدثني محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف .
44 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن سالم : أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين .
45 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : كان يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف [2] .