responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 208


بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) أن ضوء النار مثل لايمانهم الذي كان منهم عنده على صحة ، وأن ذهاب نورهم مثل لارتدادهم وإعلانهم الكفر على صحة ، لم يكن هنالك من القوم خداع ولا استهزاء عند أنفسهم ولا نفاق ، وأني يكون خداع ونفاق ممن لم يبدلك قولا ولا فعلا إلا ما أوجب لك العلم بحاله التي هو لك عليها ، وبعزيمة نفسه التي هو مقيم عليها ؟ إن هذا بغير شك من النفاق بعيد ومن الخداع برئ ، فإن كان القوم لم تكن لهم إلا حالتان : حال إيمان ظاهر ، وحال كفر ظاهر ، فقد سقط عن القوم اسم النفاق ، لأنهم في حال إيمانهم الصحيح كانوا مؤمنين ، وفي حال كفرهم الصحيح كانوا كافرين . ولا حالة هناك ثالثة كانوا بها منافقين . وفي وصف الله جل ثناؤه إياهم بصفة النفاق ما ينبئ عن أن القول غير القول الذي زعمه من زعم أن القوم كانوا مؤمنين ثم ارتدوا إلى الكفر فأقاموا عليه ، إلا أن يكون قائل ذلك أراد أنهم انتقلوا من إيمانهم الذي كانوا عليه إلى الكفر الذي هو نفاق ، وذلك قول إن قاله لم تدرك صحته إلا بخبر مستفيض أو ببعض المعاني الموجبة صحته . فأما في ظاهر الكتاب ، فلا دلالة على صحته لاحتماله من التأويل ما هو أولى به منه . فإذا كان الامر على ما وصفنا في ذلك ، فأولى تأويلات الآية بالآية مثل استضاءة المنافقين بما أظهروا بألسنتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الاقرار به ، وقولهم له وللمؤمنين :
آمنا بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ، حتى حكم لهم بذلك في عاجل الدنيا بحكم المسلمين في حقن الدماء والأموال والأمن على الذرية من السباء ، وفي المناكحة والموارثة ، كمثل استضاءة الموقد النار بالنار ، حتى إذا ارتفق بضيائها وأبصر ما حوله مستضيئا بنوره من الظلمة ، خمدت النار وانطفأت ، فذهب نوره ، وعاد المستضئ به في ظلمة وحيرة . وذلك أن المنافق لم يزيل مستضيئا بضوء القول الذي دافع عنه في حياته القتل والسباء مع استبطانه ما كان مستوجبا به القتل وسلب المال لو أظهره بلسانه ، تخيل إليه بذلك نفسه أنه بالله ورسوله والمؤمنين مستهزئ مخادع ، حتى سولت له نفسه ، إذ ورد على ربه في الآخرة ، أنه ناج منه بمثل الذي نجا به في الدنيا من الكذب والنفاق . أو ما تسم الله جل ثناؤه يقول إذ نعتهم ثم أخبرهم عند ورودهم عليه : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلقون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون ) [1] ظنا من القوم أن نجاتهم من عذاب الله في الآخرة في مثل الذي كان به نجاتهم من القتل والسباء وسلب المال في الدنيا



[1] سورة المجادلة ، الآية : 18 .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست