responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 209


من الكذب والإفك ، وأن خداعهم نافعهم هنالك نفعه إياهم في الدنيا . حتى عاينوا من أمر الله ما أيقنوا به أنهم كانوا من ظنونهم في غرور وضلال ، واستهزاء بأنفسهم وخداع ، إذ أطفأ الله نورهم يوم القيامة فاستنظروا المؤمنين ليقتبسوا من نورهم ، فقيل لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا واصلوا سعيرا . فذلك حين ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، كما انطفأت نار المستوقد النار بعد إضاءتها له ، فبقي في ظلمته حيران تائها ، يقول الله جل ثناؤه : ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) [1] .
فان قال لنا قائل : إنك ذكرت ان معنى قول الله تعالى ذكره : ( كمثل الذي استوقد نارا فلما أضائت ما حوله ) : خمدت وانطفأت ، وليس ذلك بموجود في القران ، فما دلالتك على أن ذلك معناه ؟ قيل قد قلنا إن من شان العرب الايجاز والاختصار إذا كان فيما نطقت به الدلالة الكافية على ما حذفت وتركت ، كما قال أبو ذؤيب الهذلي :
عصيت إليها القلب إني لأمرها * سميع فما أدري أرشد طلابها [2] يعني بذلك : فما أدري أرشد طلابها أم غي ، فحذف ذكر " أم غي " ، إذ كان فيما نطق به الدلالة عليها . وكما قال ذو الرمة في نعت حمير :



[1] سورة الحديد ، الآيات : 13 - 15 .
[2] سيأتي في تفسير الآية 113 من سورة آل عمران . ورواية ابن هشام في المغني ( 1 / 10 ) : دعاني إليها القلب إني لامره * سميع فما أدري أرشد طلابها ورواية النيسابوري في تفسيره : دعاني إليها القلب إني لامره * مطيع فما أدري أرشد طلابها وفي تفسير القرطبي ( 4 / 176 ) كانت رواية الأصل : " عصيت إليها القلب إني لأمرها " وجعله مصححوه تبعا للديوان : " عصاني إليها القلب إني لامره . . . مطيع " . وشرحوه بقولهم : يقول : عصاني القلب وذهب إليها ، فانا أتبع ما يأمرني به . وفي ديوان الهذليين ( القسم الأول ص 71 ) : " عصاني إليها القلب إني لامره . . . سميع " ، عصاني إليها : أي خطر إليها قلبي وذهب إليها ، فما أدري أرشد الذي وقعت فيه أم غي . وفي الهامش 7 : عبارة الأصمعي في تفسير قوله : " عصاني إليها القلب " : جعل لا يقبل مني ، أي ذهب إليها قلبي سفها .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست