responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 835


الضيافة التي قدموها لأنفسهم ، وآثروها على ضيافة الله لأوليائه . قال تعالى : * ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ) * . ثم ذكر الدليل العقلي على البعث ، فقال : * ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ) * ، أي : نحن الذين أوجدناكم ، بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، من غير عجز ولا تعب ، أفليس القادر على ذلك ، بقادر على أن يحيي الموتى ؟ بلى إنه على كل شيء قدير ، ولهذا وبخهم على عدم تصديقهم بالبعث ، وهم يشاهدون ما هو أعظم منه وأبلغ . * ( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) * أي : أفرأيتم ابتداء خلقكم من المني الذي تمنون ، فهل أنتم خالقون ذلك المني وما ينشأ منه ؟ أم الله تعالى الخالق الذي خلق فيكم الشهوة في الذكر والأنثى ، وهدى كلا منهما لما هنالك ، وحبب بين الزوجين ، وجعل بينهما من المودة والرحمة ما هو سبب التناسل . ولهذا أحالهم الله تعالى بالاستدلال بالنشأة الأولى ، على النشأة الأخرى ، فقال : * ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) * أن القادر على ابتداء خلقكم ، قادر على إعادتكم . * ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) * وهذا امتنان منه على عباده ، يدعوهم به ، إلى توحيده وعبادته ، والإنابة إليه ، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع والثمار ، فتخرج من ذلك ، منن الأقوات والأرزاق ، والفواكه ، ما هو من ضروراتهم ، وحاجاتهم ومصالحهم التي لا يقدرون أن يحصوها ، فضلا عن شكرها ، وأداء حقها ، فقررهم بمنته ، فقال : * ( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) * ، أي : أنتم أخرجتموه نباتا من الأرض ؟ أم أنتم الذين نميتموه ؟ أم أنتم الذين أخرجتم سنبله وثمره ، حتى صار حبا حصيدا وثمرا نضيجا ؟ أم الله الذي انفرد بذلك وحده ، وأنعم به عليكم ؟ وأنتم غاية ما تفعلون أن تحرثوا الأرض وتشقوها ، وتلقوا فيها البذر . ثم لا علم عندكم بما يكون بعد ذلك ، ولا قدرة لكم على أكثر من ذلك ، ومع ذلك ، فنبههم على أن ذلك الحرث معرض للأخطار ، لولا حفظ الله وإبقاؤه بلغة لكم ، ومتاعا إلى حين . * ( لو نشاء لجعلناه ) * ، أي : الزرع المحروث ، وما فيه من الثمار * ( حطاما ) * ، أي : فتاتا متحطما ، لا نفع فيه ولا رزق . * ( فظلتم ) * ، أي : فصرتم بسبب جعله حطاما ، بعد أن تعبتم فيه ، وأنفقتم النفقات الكثيرة . * ( تفكهون ) * ، أي : تندمون وتتحسرون على ما أصابكم ، ويزول بذلك فرحكم وسروركم ، وتفكهكم فتقولون : * ( إنا لمغرمون ) * ، أي : إنا قد نقصنا وأصابتنا مصيبة اجتاحتنا . ثم تعرفون بعد ذلك ، من أين أتيتم ، وبأي سبب دهيتم ، فتقولون : * ( بل نحن محرومون ) * . فاحمدوا الله تعالى حيث زرعه لكم ، ثم أبقاه وكمله لكم ، ولم يرسل عليه من الآفات ما به تحرمون نفعه وخيره . * ( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ) * لما ذكر تعالى نعمته على عباده بالطعام ، ذكر نعمته عليهم بالشراب العذب الذي منه يشربون ، وأنه لولا أن الله يسره وسهله ، لما كان لكم إليه سبيل ، وأنه الذي أنزله من المزن ، وهو السحاب والمطر ، الذي ينزله الله تعالى ، فتكون منه الأنهار الجارية على وجه الأرض ، وفي بطنها ، وتكون منه الغدران المتدفقة . ومن نعمته تعالى أن جعله عذابا فراتا ، تسيغه النفوس ، ولو شاء لجعله ملحا أجاجا ، لا ينتفع به . * ( فلولا تشكرون ) * الله تعالى على ما أنعم به عليكم . * ( أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين فسبح باسم ربك العظيم ) * وهذه نعمة تدخل في الضروريات ، التي لا غنى للخلق عنها ، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم ، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار ، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها ، وإنما الله تعالى قد أنشأها من الشجر الأخضر ، فإذا هي نار توقد ، بقدر حاجة العباد ، فإذا فرغوا من حاجتهم ، أطفأوها وأخمدوها . * ( نحن جعلناها تذكرة ) * للعباد بنعمة ربهم ، وتذكرة بنار جهنم ، التي أعدها الله للعاصين ، وجعلها سوطا ، يسوق به عباده إلى دار النعيم . * ( ومتاعا للمقوين ) * ، أي : المنتفعين أو المسافرين ، وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر أعظم من غيره ، ولعل

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 835
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست