responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 778


حيث اقترحوا هذا الاقتراح ، وزعموا أن صدق رسل الله ، متوقف على الإتيان بآبائهم ، وأنهم لو جاؤوهم بكل آية لم يؤمنوا ، إلا إن اتبعتهم الرسل على ما قالوا . وهم كذبة فيما قالوا ، وإنما قصدهم دفع دعوة الرسل ، لا بيان الحق ، قال تعالى : * ( قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) * وإلا فلو وصل العلم باليوم الآخر إلى قلوبهم ، لعملوا له أعمالا وتهيؤوا له . * ( ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * ه ذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إن كنا نستنسخ ما كنتم تعملون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين * وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين * وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقآء يومكم ه ذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون * فلله الحمد رب السماوت ورب الأرض رب العالمين * وله الكبريآء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) * يخبر تعالى عن سعة ملكه ، وانفراده بالتصرف والتدبير ، في جميع الأوقات ، وأنه * ( يوم تقوم الساعة ) * ويجمع الخلائق لموقف القيامة ، يحصل الخسار على المبطلين ، الذين أتوا بالباطل ، ليدحضوا به الحق ، وكانت أعمالهم باطلة ، لأنها متعلقة بالباطل ، فبطلت في يوم القيامة ، اليوم الذي تستبين فيه الحقائق واضمحلت عنهم ، وفاتهم الثواب ، وحصلوا على أليم العقاب . ثم وصف تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره الناس ، ويستعد له العباد ، فقال : * ( وترى ) * أيها الرائي لذلك اليوم * ( كل أمة جاثية ) * على ركبها خوفا وذعرا ، وانتظارا لحكم الملك الرحمن . * ( كل أمة تدعى إلى كتابها ) * ، أي : إلى شريعة نبيهم ، الذي جاءهم من عند الله ، وهل قاموا بها فيحصل الثواب والنجاة ؟ أم ضيعوها ، فيحصل لهم الخسران . * ( اليوم تجزون بما كنتم تعملون ) * فأمة موسى يدعون إلى شريعة موسى ، وأمة عيسى كذلك ، وأمة محمد كذلك ، وهكذا غيرهم كل أمة تدعى إلى شرعها الذي كلفت به . هذا أحد الاحتمالات في الآية ، وهو معنى صحيح في نفسه ، غير مشكوك فيه ، ويحتمل أن المراد بقوله : * ( كل أمة تدعى إلى كتابها ) * ، أي : إلى كتاب أعمالها ، وما سطر عليها ، من خير وشر ، وأن كل أحد يجازي بما عمله بنفسه ، كقوله تعالى : * ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) * . ويحتمل أن المعنيين كليهما ، مراد من الآية ، ويدل على هذا قوله : * ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) * ، أي : هذا كتابنا الذي أنزلنا عليكم ، يفصل بالحق الذي هو العدل * ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) * فهذا كتاب الأعمال . ولهذا فصل ما يفعل الله بالفريقين فقال : * ( فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) * إيمانا صحيحا ، وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة ، من واجبات ومستحبات * ( فيدخلهم ربهم في رحمته ) * التي محلها الجنة ، وما فيها من النعيم المقيم ، والعيش السليم . * ( ذلك هو الفوز المبين ) * ، أي : المفاز والنجاة والربح ، والفلاح الواضح البين الذي إذا حصل للعبد ، حصل له كل خير ، واندفع عنه كل شر . * ( وأما الذين كفروا ) * بالله ، فيقال لهم توبيخا وتقريعا : * ( أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ) * وقد دلتكم على ما فيه صلاحكم ، ونهتكم عما فيه ضرركم ، وهي أكبر نعمة وصلت إليكم ، لو وفقتم لها . * ( فاستكبرتم ) * عنها ، وأعرضتم ، وكفرتم بها ، فجنيتم أكبر جناية ، وأجرمتم أشد الجرم ، فاليوم تجزون ما كنتم تعملون . ويوبخون أيضا بقوله : * ( وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ) * منكرين لذلك : * ( ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين ) * . فهذه حالهم في الدنيا ، وحال البعث الإنكار له ، وردوا قول من جاء به ، قال تعالى : * ( وبدا لهم سيئات ما عملوا ) * ، أي : وظهر لهم يوم القيامة عقوبات أعمالهم . * ( وحاق بهم ) * ، أي : نزل * ( ما كانوا به يستهزئون ) * ، أي : نزل بهم العذاب ، الذي كانوا في الدنيا ، يستهزؤون بوقوعه ، وبمن جاء به . * ( وقيل اليوم ننساكم ) * ، أي : نترككم في العذاب * ( كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) * ، فإن الجزاء من جنس العمل * ( ومأواكم النار ) * ، أي : هي مقركم ومصيركم . * ( وما لكم من ناصرين ) * ينصرونكم من عذاب الله ، ويدفعون عنكم عقابه . * ( ذلكم ) * الذي حصل لكم من العذاب * ( ب ) * سبب * ( أنكم اتخذتم آيات الله هزوا ) * مع أنها موجبة للجد والاجتهاد ، وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح . * ( وغرتكم الحياة الدنيا ) * بزخارفها ولذاتها وشهواتها ، فاطمأنتم إليها ، وعملتم لها ، وتركتم العمل للدار الباقية . * ( فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ) * ، أي : ولا يمهلون ، ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا . * ( فلله الحمد ) * كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه * ( رب السماوات ورب الأرض رب العالمين ) * ، أي : له الحمد على ربوبيته لسائر الخلق ، حيث خلقهم ورباهم ، وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة . * ( وله الكبرياء في السماوات والأرض ) * ، أي : له الجلال والعظمة والمجد . فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ، ومحبته تعالى وإكرامه ،

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 778
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست