responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 776


بآيات ربهم ) * الواضحة القاطعة ، التي لا يكفر بها إلا من اشتد ظلمه ، وتضاعف طغيانه * ( لهم عذاب من رجز أليهم ) * . * ( الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) * يخبر تعالى عن فضله على عباده وإحسانه إليهم ، بتسخير البحر لسير المراكب والسفن بأمره وتيسيره . * ( لتبتغوا من فضله ) * بأنواع التجارات والمكاسب . * ( ولعلكم تشكرون ) * الله تعالى ، فإنكم إذا شكرتموه ، زادكم من نعمه وأثابكم على شكركم أجرا جزيلا . * ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) * ، أي : من فضله وإحسانه . وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ، ولما أودع الله فيهما ، من الشمس والقمر ، والكواكب ، والثوابت ، والسيارات ، وأنواع الحيوانات ، وأصناف الأشجار والثمرات ، وأجناس المعادن ، وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ، ومصالح ما هو من ضروراته . فهذا يوجب عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في شكر نعمته ، وأن تتغلغل أفكارهم في تدبر آيته وحكمه ، ولهذا قال : * ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) * . وجملة ذلك أن خلقها وتدبيرها وتسخيرها ، دال على نفوذ مشيئة الله ، وكمال قدرته . وما فيها من الإحكام والإتقان ، وبديع الصنعة ، وحسن الخلقة ، دال على كمال حكمته وعلمه . وما فيها من السعة والعظمة والكثرة ، دال على سعة ملكه وسلطانه . وما فيها من التخصيصات والأشياء المتضادات ، دليل على أنه الفعال لما يريد . وما فيها من المنافع ، والمصالح الدينية والدنيوية ، دليل على سعة رحمته ، وشمول فضله وإحسانه ، وبديع لطفه وبره . وكل ذلك دال على أنه وحده ، المألوه المعبود الذي لا تنبغي العبادة والذل والمحبة إلا له ، وأن رسله صادقون فيما جاؤوا به . فهذه أدلة عقلية واضحة ، لا تقبل ريبا ولا شكا . * ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون * من عمل صالحا فلنفسه ومن أسآء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون ) * يأمر تعالى عباده المؤمنين بحسن الخلق ، والصبر على أذية المشركين به ، الذين لا يرجون أيام الله ، أي : لا يرجون ثوابه ، ولا يخافون وقائعه في العاصين ، فإنه تعالى سيجزي كل قوم بما يكسبون . فأنتم يا معشر المؤمنين ، يجزيكم على إيمانكم ، وصفحكم وصبركم ، ثوابا جزيلا . وهم إن استمروا على تكذيبهم فلا يحل بكم ما حل بهم من العذاب الشديد والخزي ، ولهذا قال : * ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون ) * . * ( ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) * أي : ولقد أنعمنا على بني إسرائيل نعما لم تحصل لغيرهم من الناس ، وآتيناهم * ( الكتاب ) * ، أي : التوراة والإنجيل ، و * ( الحكم ) * ( بين الناس و ) * ( النبوة ) * التي امتازوا بها ، وصارت النبوة في ذرية إبراهيم عليه السلام ، أكثرهم من بني إسرائيل . * ( ورزقناهم من الطيبات ) * من المآكل والمشارب والملابس ، وإنزال المن والسلوى عليهم . * ( وفضلناهم على العالمين ) * ، أي : على الخلق بهذه النعم ، ويخرج من هذا العموم اللفظي ، هذه الأمة ، فإنهم خير أمة أخرجت للناس . والسياق يدل على أن المراد غير هذه الأمة ، فإن الله يقص علينا ما امتن به على بني إسرائيل ، وميزهم على غيرهم . وأيضا فإن الفضائل التي فاق بها بنو إسرائيل من الكتاب ، والحكم ، والنبوة ، وغيرها من النعوت ، قد حصلت كلها لهذه الأمة ، وزادت عليهم هذه الأمة فضائل كثيرة ، فهذه الشريعة ، شريعة بني إسرائيل جزء منها ، فإن هذا الكتاب مهيمن على سائر الكتب السابقة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم مصدق لجميع المرسلين . * ( وآتيناهم ) * ، أي : آتينا بني إسرائيل * ( بينات ) * ، أي : دلالات تبين الحق من الباطل * ( من الأمر ) * القدري ، الذي أوصله الله إليهم . وتلك الآيات هي المعجزات التي رأوها على يد موسى عليه السلام . فهذه النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل ، تقتضي الحال أن يقوموا بها على أكمل الوجوه ، وأن يجتمعوا على الحق ، الذي بينه الله لهم ، ولكن انعكس الأمر ، فعاملوها بعكس ما يجب . وافترقوا فيما أمروا بالاجتماع به ، ولهذا قال : * ( فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ) * ، أي : الموجب لعدم

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 776
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست