responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
نام کتاب : تفسير الجلالين نویسنده : السيوطي    جلد : 0  صفحه : 16


وبدون التفسير لا يمكن الوصول إلى هذه الكنوز والذخائر ، مهما بالغ الناس في ترديد ألفاظ القرآن ، وتوافروا كل يوم على قراءته ألف مرة بجميع وجوهه التي نزل فيها .
وهنا ت لمح السر في تأخر مسلمة هذا الزمان على رغم وفرة المصاحف في أيديهم ووجود ملايين الحفاظ بين ظهرانيهم ، وعلى رغم كثرة عددهم واتساع بلادهم ، في حين أن سلفنا الصالح نجحوا بهذا القرآن نجاحا مدهشا ، كان وما زال موضع إعجاب التاريخ والمؤرخين ، مع أن أسلافنا أولئك كانوا في قلة من العدد وضيق من الأرض ، وخشونة من العيش ، ومع أن نسخ القرآن ومصاحفه لم تكن ميسورة لهم ومع أن حفاظه لم يكونوا بهذه الكثرة الغامرة .
أجل إن السر في ذلك هو أنهم توافروا على دراسة القرآن ، واستخراج كنوز هدايته يستعينون على هذه الثقافة بمواهبهم الفطرية وملكاتهم السليمة العربية من ناحية ، وبما يشرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبينه لهم بأقواله وأعماله ، وأخلاقه وسائر أحواله ، كما قال سبحانه ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) وعلى ذلك كان همهم الأول هو القرآن الكريم ، يحفظونه ويفهمونه ، قبل أن يحفظوه ثم يعملون بتعاليمه بدقة ، ويهتدون بهديه في يقظة .
بهذا وحده صفت أرواحهم ، وطهرت نفوسهم ، وعظمته آثارهم ، لان الروح الانساني هو أقوى شئ في هذا الوجود ، فمن صفى وتهذب ، وحسن توجيهه وتأدب أتى بالعجب العجاب ، ( والله عنده حسن الثواب ) .
وكذلك أتت الأمة العربية بالعجب العجاب في الهداية والارشاد وإنقاذ العالم وإصلاح البشر ، وكتب الله لهم النصر والتأييد ، والدولة والظفر ، حتى على أقوى الدول المعادية لدعوة الحق والاصلاح في ذلك العهد : دولة الفرس في الشرق ودولة الرومان في الغرب ، تلك محوها من لوح الوجود بهدم طغيانها وإسلام شعبها ، وهذه سلبوها ما كان في حوزتها م ممالك الشرق وشعوبه الكثيرة ثم دانت لهم الدنيا ، فاستولوا على بعض بلاد أوربا ، وأقاموا فيها دولة عربية شامخة البنيان ، كانت بهجة وزينة الحياة ، وفيها شع النور على الشعوب الأوربية وكانت النواة الناجحة في نهضتهم الحديثة الحاضرة " تلك هي فردوس الأندلس المفقود " .
أما غالب مسلمة اليوم فقد اكتفوا من القرآن بألفاظ يرددونها ، وأنغام يلحنونها في المآتم والمقابر والدور ، وبمصاحف يحملونها أو يودعونها بركة في البيوت ، ونسوا أن البركة العظمى هي في تفهم القرآن وتدبره ، وفي الجلوس إليه والاستفادة من هديه وآدابه ، ثم في الوقوف عند أوامره ومراضيه ، والبعد عن مساخطه ونواهيه ، والله تعالى يقول : ( كتاب أنزلناه إليك ما برك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ويقول جل ذكره ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .
فما أشبه المسلمين اليوم بالعطشان يموت من الظمأ والماء بين يديه ، وبالحيوان يهلك من الاعياء من حوله يهديه السبيل لو فتح عينيه . . وذلك هو الخسران المبين .
إلا أن آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها ، وهو أن يعودا إلى كتاب الله يستلهمونه الرشد

مقدمة التحقيق 9

نام کتاب : تفسير الجلالين نویسنده : السيوطي    جلد : 0  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
فرمت PDF شناسنامه فهرست