نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري جلد : 1 صفحه : 22
خلافا للشرع المبين . ولذا أبى ، رحمه الله ، أن يقبل مائتي دينار بعث بها محمد بن إبراهيم الهاشمي ، الذي كان واليا على مكة . فقال ابن عيينة ، وكان حاضرا في مجلسه " كأنك لا تراها حلالا " ؟ قال : " بلى ، ولكن أكره أن أذل " [1] وقد عرض عليه قضاء الكوفة ، فلم يقبله أيضا ، لأنه كان لا يحب أن يعين الحكومة التي بنيت على القهر والجبر . وكذا كان لا يود أن يجعل نفسه عرضة لوعيد ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) لان حرية الفكر والعمل لم تبق في ذلك العهد ، وكان العمال يحكمون بما أشار به السلاطين . ولأجل هذا الزهد قد صار جريئا على القول بالحق ، واشتهر بين الناس بالقول بالحق [2] . خروج الثوري من الكوفة ولما استخلف أبو جعفر المنصور وحج ، لقيه الثوري بمنى " وكان ذلك في سنة 140 أو 144 ) قال : فقلت : اتق الله . فإنما أنزلت هذه المنزلة وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار ، وأبنائهم يموتون جوعا . حج عمر بن الخطاب ، فما أنفق الا خمسة عشر دينارا . وكان ينزل تحت الشجر " فقال : " فإنما تريد أن أكون مثلك " ؟ قلت : " لا تكن مثلي . ولكن كن دون ما أنت فيه ، وفوق ما أنا فيه " . فقال لي : " أخرج " [3] . فخرج الثوري من عنده . ولما رجع إلى الكوفة ، جعل يأخذ عليه ما يفعل بالمسلمين من الجور والجبر والقهر . فصبر عليه أبو جعفر مدة ، وبالآخرة أمر بأخذه . فخرج من الكوفة هاربا للنصف من ذي القعدة سنة 155 ه ( 761 م ) [4] ، ولم يرجع إليها حتى مات . وكان
[1] التقدمة 114 . [2] مختصر المجمع 281 ب نقلا عن النواري . [3] التقدمة 106 . [4] الأنساب 177 ، وتاريخ بغداد 9 / 71 ، وتهذيب النواوي 258 والشعراني 1 / 52 . وقال العسقلاني في التهذيب 4 / 112 نقلا عن أبي نعيم انه خرج من الكوفة سنة 150 . وهو سهو ، لأن الخطيب وغيره نقلوا عن أبي نعيم نفسه ان خروجه من الكوفة كان في سنة 155 . وقال البخاري في التاريخ الكبير 2 / 2 / 94 انه خرج في سنة أربع وخمسين .
نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري جلد : 1 صفحه : 22