responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري    جلد : 1  صفحه : 21


كسب الثوري لمعيشته كان ، رحمه الله ، يتجر كالإمام أبي حنيفة الكوفي رحمهما الله - وكان ما بيديه من رأس المال نحوا من مائتي دينار - فكان يفرقها على قوم من إخوانه في اليمن ، يبضعون له به - ويوافي الموسم كل عام ، فيلقاهم ويحاسبهم ويأخذ ما ربحوا .
ولم يقبل ، رحمه الله شيئا من الولاة والسلاطين إلا مرة واحدة - ثم ترك ذلك [1] ، حتى أنه جاء إليه رجل ببدرة أو بدرتين - وكان أبو ذلك الرجل صديقا لسفيان جدا - وكان سفيان يأتيه ، فيقيل عنده - ويأتيه كثيرا . فقال : " يا أبا عبد الله ، في نفسك من أبى شئ " ؟ فأثنى عليه وقال : " رحم الله أباك " ! وذكر من فضله - فقال له : " يا أبا عبد الله ، قد عرفت كيف صار إلي هذا المال - وأنا أحب أن تقبل هذا الذي جئتك به ، تستعين به على عيالك " - فقبله منه - فخرج الرجل فلما خرج أو كاد أن يخرج ، قال لأخيه مبارك : " يا مبارك ، الحقة ، فرده " قال مبارك ، فلحقته ، فرددته ، فقال : " يا ابن أخي ، أحب أن تقبل هذا المال - فإني قد قبلته منك ، ولكن أحب ان تأخذه ، فترجع به ) - فقال : " يا أبا عبد الله ، في نفسك منه شئ " ؟ - قال : " لا ، ولكن أحب ان تقبله " - فلم يزل به حتى أخذه - قال مبارك ، فلما خرج ، جئت وقد داخلني ما لا أملك - فقعدت بين يديه ، فقلت : " ويحك ، يا أخي ! أيش قلبك هذا ؟ حجارة ؟ أنت ليس لك عيال - أما ترحمني ؟ أما ترحم إخوانك ؟ أما ترحم صبياننا ؟ فأكثرت عليه من هذا النحو . فقال : " يا مبارك ، تأكلها أنت هنيئا مريئا وأسأل انا عنه . لا يكون هذا ابدا " [2] .
ولا يبعد إن يكون مبنى هذا الاجتناب أنه كان آية في الورع ، والورع لا يجتمع مع أكل ما فيه شبهة . والأموال التي كانت بيد السلاطين والأمراء ، كان المتورعون من العلماء يحسبونها من بيوت أموال المسلمين ، التي تصرفوا فيها



[1] الطبقات 6 / 258 .
[2] تاريخ بغداد 9 / 161

نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست