responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري    جلد : 1  صفحه : 18


سألت ان أكتب إليك كتابا أصف لك فيه خلالا تصحب بها أهل زمانك وتؤدي إليهم ما يحق لهم عليك ، وتسأل الله عز وجل الذي لك ، وقد سألت عن أمر جسيم . الناظرون فيه اليوم المقيمون به قليل . بل لا أعلم مكان أحد . وكيف يستطاع ذلك ؟ وقد كدر هذا الزمان . إنه ليشتبه الحق والباطل ولا ينجو من شره إلا من دعى بدعاء الغريق . فهل تعلم مكان أحد هكذا ؟ وكان يقال : يوشك أن يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم .
فعليك بتقوى الله عز وجل . والزم العزلة ، واشتغل بنفسك ، واستأنس بكتاب الله عز وجل ، واحذر الأمراء وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم ، فان استطعت ان تأمر بخير في رفق ، فان قبل منك ، حمدت الله عز وجل وان رد عليك ، أقبلت على نفسك ، فإن لك فيها شغلا .
واحذر المنزلة وحبها . فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا .
وبلغني ان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يتعوذون ان يدركوا هذا الزمان وكان لهم من العلم ما ليس لنا . فكيف بنا حين أدركنا على قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر الزمان وفساد من الناس .
وعليك بالأمر الأول والتمسك به . وعليك بالخمول ، فان هذا زمان خمول . وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس . فان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " إياكم والطمع ، فان الطمع فقر واليأس غنى " وفى العزلة راحة من خلاط السوء . وكان سعيد بن المسيب يقول : " العزلة عبادة " . وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض . فأما اليوم فقد ذهب ذلك والنجاة في تركهم فيما نرى .
وإياك والأمراء والدنو منهم ، وإن تخالطهم في شئ من الأشياء إياك ان تخدع ، فيقال لك : تشفع ، فترد عن مظلوم أو مظلمة . فان تلك خدعة إبليس .
وانما اتخذها فجار القراء سلما . وكان يقال : اتقوا فتنة العابد الجاهل ، وفتنة العالم الفاجر ، فان فتنتهما فتنة كل فتون .
وما كفيت المسألة والفتيا ، فاغتنم ذلك ولا تنافسهم . وإياك ان تكون ممن

نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست