نام کتاب : تفسير الثوري نویسنده : سفيان الثوري جلد : 1 صفحه : 19
يحب ان يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه . وإياك وحب الرياسة ، فان من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة . وهو باب غامض لا يبصره الا البصير من العلماء السماسرة . واحذر الرئاء فإن الرئاء أخفى من دبيب النمل . وقال حذيفة : " سيأتي على الناس زمان يعرض على الرجل الخير والشر فلا يدرى أيما يركب " . وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تزال يد الله عز وجل على هذه الأمة وفى كنفه وجواره وجناحه ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم ، وما لم يبر خيارهم أشرارهم وما لم يعظم أبرارهم فجارهم . فإذا فعلوا ذلك ، رفعها عنهم وقذف في قلوبهم الرعب ، وأنزل بهم الفاقة ، وسلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب " . وقال : " إذا كان ذلك ، لا يأتيهم امر يضجون منه إلا أردفه بآخر يشغلهم عن ذلك " . فليكن الموت من شأنك ومن بالك . وأقل الامل . وأكثر ذكر الموت . فإنك ان أكثرت ذكر الموت ، هان عليك أمر دنياك . وقال عمر : " أكثروا ذكر الموت ، فإنكم ان ذكرتموه في كثير ، قلله ، وان ذكرتموه في قليل ، كثره . واعلموا انه قد حان للرجل يشتهى الموت " . أعاذنا الله وإياك من المهالك وسلك بنا وبك سبيل الطاعة " . فهذا هو سفيان الثوري ، الذي رأيناه الآن جالسا بين المجتهدين يذاكرهم في أصول الدين وفروعه . يوافق واحد ويخالف اخر . يؤيد هذا ويرد على ذاك . يباحثهم ويناظرهم مرة ، ويملي عليهم ويروى عنهم أخرى . وذاك الثوري بعينه يرى قاعدا في نادي الورع والزهد ، لا كعامة تلك الطريقة ، بل كأنه سيدها ومدارها ، تحيا بحياته وتموت بموته . ويؤيد رأينا ما قاله شعبة : " ان سفيان ساد الناس بالورع والعم " ، وكا قال أبو رجاء : " لولا الثوري لمات الورع " [1] . وكانت له ، رحمه الله طريقة خاصة في التصوف ، وكان أبو محمد عبد الله بن خبيق بن سابق الكوفي الأنطاكي منسلكا بها كما صرح السلمي في الطبقات .