نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 34
البدن . فالقلبية هي المعارف ، والحكم ، والكمالات العلمية والعملية الخلقية . والبدنية هي الصحة والقوة واللذات الجسمانية والشهوات الطبيعية . وما حول البدن هي الأموال والأسباب ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( ( ألا وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من سعة المال صحة الجسد ، وتقوى القلب ) ) . ويجب الاحتراز عن الأوليين لإحراز الأخيرة المطلوبة بالزهد والعبادة . فإقامة الصلاة ترك الراحات البدنية وإتعاب الآلات الجسدية ، وهي أم العبادات التي إذا وجدت لم يتأخر عنها البواقي * ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) * [ العنكبوت ، الآية : 45 ] إذ هي تحامل على البدن والنفس ، ومشقة فادحة عليهما ، والاتفاق المال هو الإعراض عن السعادة الخارجية المحبوبة إلى النفس المسمى بالزهد ، فإن الإنفاق ربما كان أشد عليها من بذل الروح للزوم الشح إياها ، ولم يكتف بالقدر الواجب فقال : [ آية 3 - 5 ] * ( ومما رزقناهم ينفقون ) * ليعتاد القلب ترك الفضول المالية بالجود والسخاء وبذل المال ، في وجوه المروات ، والهبات ، والصدقات الغير الواجبة ، فيوقي شح نفسه ، وخصص الإنفاق بالبعض بإيراد من التبعيضية لئلا يقع في رذيلة التبذير ببذل القدر الضروري فيحرم فضيلة الجود الذي هو من باب التخلق بأخلاق الله . * ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ) * أي : الإيمان التحقيقي الشامل للأقسام الثلاثة المستلزم للأعمال القلبية التي هي التحلية ، وهي تفرس القلب بالحكم والمعارف المنزلة في الكتب الإلهية والعلوم المتعلقة بأحوال المعاد ، وأمور الآخرة ، وحقائق علم القدس . ولهذا قال : * ( وبالآخرة هم يوقنون ) * وأهل الآخرة الذين ما جاوزوا حد التزكية ، ولم يصلوا إلى التحليلة التي هي ميراثها ، لقوله عليه صلى الله عليه وسلم : ( ( من عمل بما علم ورثة الله علم ما لم يعلم ) ) . وأهل الله الموقنون الجامعون لها كلهم على هدى من ربهم إما إليه وإما إلى داره ، دار السلامة والفضل والثواب واللطف ، وهم أهل الفلاح لا غير إما من العقاب وإما من الحجاب ولهذا قال : * ( أولئك ) * أي : الموصوفون بهذه الصفات المذكورة من التزكية والتحلية . * ( على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) * لأجلها ، فعلى هذا الذين يؤمنون مبتدأ ، والذين يؤمنون الثاني معطوف عليه ، وأولئك خبره ، ولو جعل صفة للمتقين لكان المراد بهم الكاملين في التقوى بعد الهداية . وكان مجازا من باب تسمية الشيء بما سيؤول إليه .
34
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 34